عدوّهم. قال : ومن فرّ من الزّحف عن المثلين لم تقبل شهادته إلّا أن يتوب فتظهر توبته. وفي كتاب ابن سحنون قال عقبة بن عامر : الفرار الأعظم من الزّحف إذا التقت الفئتان. وقال أهل العراق : لا يفرّ اثنا عشر ألفا من العدوّ وإن كثر لقول النبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لن تغلب اثنا عشر ألفا من قلّة / [م ٤٧](١).
وقال سحنون : لا أعرف هذا ، وقد كان المسلمون يوم اليرموك ثلاثين ألفا والعدوّ مئة ألف. فرأى أبو عبيدة وخالد القتال ، وقال غيرهما : ننحاز إلى فئة ونشاور أمير المؤمنين. ثم عزم أبو عبيدة على القتال.
وروى ابن وهب عن ربيعة (٢) : وسئل عن أهل مدينة حاصرها العدوّ فضعفوا عن القتال وليس عندهم ما يكفيهم ، أيخرجون فيقاتلون أم يصبرون حتّى يموتوا جوعا أو يقتلوا؟ قال : بل يخرجون أحبّ إليّ.
وقال في كتاب ابن سحنون : وإن بلغ بهم الجوع والعطش مبلغا لا قوّة لهم به على القتال ، فإن طمعوا في الأسر نجاة ومعاذة وقد عرف ذلك من العدوّ في غيرهم فليخرجوا إليهم ، وإن كان القتل فليصبروا للموت جوعا وعطشا. وقيل : هذا إذا غلب على الظنّ أن إحدى الميتتين أخفّ وأهون
__________________
(١) شرح السير الكبير ١ : ١٢٤ برقم ١٢٤ وانظر قوله (صلىاللهعليهوسلم) : لن نغلب اليوم من قلة» في السيرة النبوية ٢ : ٨٩٠ (يوم حنين).
(٢) ربيعة ت ١٣٦ ه ـ ٧٥٣ م : ربيعة بن فروخ التيمي بالولاء المدني ، أبو عثمان ، إمام حافظ ، فقيه مجتهد ، كان بصيرا بالرأي فعرف ب «ربيعة الرأي» وكان من الأجواد وبه تفقه الإمام مالك. وكان ربيعة صاحب الفتوى بالمدينة ـ تهذيب التهذيب ٣ : ٢٥٨ والأعلام ٣ : ١٧.