القادسية (١) عظيما من عظماء الفرس وبطلا من أبطالها فاجتلدا بسيفيهما فقتله القعقاع وانكسرت الأعاجم لذلك ونادى القعقاع ثانية فخرج إليه رجلان من عظمائهم فانضمّ إلى القعقاع الحارث بن ظبيان (٢) فضرب القعقاع أحدهما فأذرى رأسه وفعل ابن ظبيان مثل ذلك بالآخر. وجعل القعقاع يقول للمسلمين : باشروهم بالسيوف فإنّما يحصد الناس بها.
ولمّا تطاردت الخيل والفرسان خرج رجل من الفرس فنادى للمبارزة فانتدب إليه عمرو بن معديكرب (٣) فبارزه واعتنقه ثمّ جلد به الأرض فذبحه ثمّ التفت إلى الناس فقال : إنّ الفارسيّ إذا فقد فرسه فإنّما هو تيس.
وفي تلك الحرب خرج رجل من العجم حتّى إذا كان بين الصفّين هدر وشقشق ونادى : من يبارز؟ فخرج رجل يقال له : بشير بن علقمة (٤) وكان قصيرا دميما فقال : يا معشر المسلمين قد أنصفكم الرجل فلم يجبه
__________________
(١) كان يوم القادسية في آخر سنة ست عشرة. البلدان للبلاذري : ٢٩٩ وكان قتال القادسية يوم الخميس والجمعة وليلة السبت وهي ليلة الهرير ، وإنما سميت ليلة صفين بها. البلدان : ٣٠٢.
(٢) الحارث بن ظبيان بن الحارث أخو بني تيم اللات ، كان من أبطال القادسية يوم أغواث. انظر خبره في تاريخ الطبري ٣ : ٥٤٣.
(٣) عمرو بن معديكرب ت ٢١ ه ـ ٦٤٢ م : عمرو بن معد يكرب بن ربيعة بن عبد الله الزبيدي ، أبو ثور ، فارس اليمن ، وفد على المدينة سنة ٩ ه في عشرة من بني زبيد فأسلم وأسلموا وعادوا. فلما توفي النبي (صلىاللهعليهوسلم) ارتد عمرو في اليمن ، ثم رجع إلى الإسلام فبعثه أبو بكر إلى الشام ، فشهد اليرموك وفقد إحدى عينيه ، وبعثه عمر إلى العراق فشهد القادسية ، وكان عصيّ النفس أبيها فيه قسوة الجاهلية. له شعر جيد. توفي على مقربة من الري وقيل : مات عطشا يوم القادسية. الإصابة ٥ : ١٨ برقم : ٥٩٦٥ والأعلام ٥ : ٨٦.
(٤) بشير بن علقمة وذكره ابن حبيش باسم : بشر بن علقمة في سياق سرده للخبر الوارد في كتابنا هذا. انظر غزوات ابن حبيش ٢ : ١٨٨.