وقال أبو الطيّب :
ولو أنّ الحياة تبقى لحيّ |
|
لعددنا أضلّنا الشّجعانا (١) |
[وقال آخر] :
جمع الشجاعة والخضوع لربّه |
|
ما أحسن المحراب في المحراب (٢) |
وبقوة (٣) القلب يصبر الجليس على أذى الجليس وجفاء الصاحب ، وبقوّة القلب تلتقى الكلمة العوراء والفعلة الزلّاء ممّن جاءت ، وبقوّة القلب تنفذ كلّ رويّة وعزيمة أوجبها العقل والعدل والحزم. وبقوّة القلب يضحك الرجال في وجوه الرجال وقلوبهم مشحونة بالضغائن والأحقاد كما قال أبو ذرّ : إنّا لنكشّر في وجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم (٤). وقال عليّ رضياللهعنه : إنّا لنصافح أكفّا نرى قطعها. وليس الصبر / [س ٨٢] والشجاعة وقوّة النفس أن يكون المرء مصرّا في المحال لجوجا في الباطل ، ولا أن يكون جلدا عند الضّرب صبورا على الجهل ، مصمّما على التغرير والتهوّر ، فإنّ هذه صفة الخنازير والحمير ، ولكن أن يكون صابرا على أداء الحقوق ، صبورا على سماعها وإلقائها إليه ، غالبا لهواه ، مالكا لشهواته ، ملتزما للفضائل بجهده ، عاملا في ذلك على الحقيقة التي
__________________
(١) العرف الطيب : ٢ : ٣٤٧.
(٢) البيت في سراج الملوك ٢ : ٦٦٩ غير منسوب. والمحراب الأولى بمعنى الشجاع الخبير بالحرب ، والمحراب الثانية بمعنى مقام الإمام في المسجد.
(٣) النقل عن سراج الملوك ٢ : ٦٦٩.
(٤) ذكر محقق سراج الملوك أن هذا الحديث أخرجه البخاري عن أبي الدرداء في كتاب الأدب باب المداراة مع الناس ج ١٠ ص ٥٢٧ من فتح الباري.