قال ابن جزي : جبل الفتح هو معقل الاسلام المعترض شجا في حلوق عبدة الاصنام حسنة مولانا أبي الحسن (٧) رضياللهعنه ، المنسوبة إليه ، وقربته التي قدمها نورا بين يديه ، محل دد الجهاد ومقر أساد الأجناد (٨) ، والثغر الذي افترّ عن نصر الايمان وأذاق أهل الأندلس ، بعد مرارة الخوف ، حلاوة الأمان ومنه كان مبدأ الفتح الاكبر وبه نزل طارق بن زياد مولى موسى بن نصير (٩) عند جوازه ، فنسب إليه فيقال له : جبل طارق ، وجبل الفتح، لان مبدأه كان منه.
وبقايا السور الذي بناه ومن معه باقية إلى الآن تسمى بسور العرب شاهدتها أيام إقامتي به عند حصار الجزيرة (١٠) أعادها الله ، ثم فتحه مولانا أبو الحسن رضوان الله عليه ، واسترجعه من أيدي الروم بعد تملكه له عشرين سنة ونيفا ، وبعث إلى حصاره ولده الامير الجليل أبا مالك وأيده بالاموال الطائلة والعساكر الجرّارة ، وكان فتحه بعد حصار ستة أشهر، وذلك في عام ثلاثة (وثلاثين) وسبعماية (١١).
__________________
(٧) شيد جبل طارق عام الخمسات الثلاث كما يقولون : ٥٥٥ ه ـ ١١٦٠ م من لدن الخليفة عبد المؤمن الموحدي ، وقد احتل الجبل عام ١٣٠٩ ـ ٧٠٩ من قبل فيرديناند الرابع ملك قشتالة. وقد استرجعه أبو الحسن المريني عام ٧٣٣ ـ ١٣٣٣ وقام فيه بعدة أعمال ومنشآت كبرى ... ـ ذ. التازي : الموحدون وجبل طارق من خلال مخطوط قديم ، مجلة الافاق ، لسان اتحاد كتاب المغرب العربي يناير ، مارس ١٩٦٣
T. Norris : The Early Islamic Settlement in Gibreltar, journal of Royal Anthropological institute xCI Pr ٢
د. التازي : التاريخ الپلوماسي للمغرب ج ٧ ص ٧٧.
(٨) بني جبل طارق من لدن الموحدين ليكون محطّتهم للتحكم في القارتين الافريقية والأوربية. قال ابن صاحب الصلاة : (عن سور العرب) «وأحكم البنّاؤون فيه بناء من القصور المشيّدة والديار ... ممّا هو عجيب في الآثار ، وكما قيل : «الملوك تبنى على قدرها من الأقدار» وربما لو عاينها المتقدمون من آل عاد بن شدّاد لأقروا للموحدين بالعجز ، وفضلوهم على الذين بنو القصر من سنداد ... وكان الحاج يعيش المهندس قد صنع في أعلاه رحى تطحن الأقوات بالريح ... ابن صاحب الصلاة ... ص ٨٧ ـ ٨٨.
(٩) موسى بن نصير أبو عبد الرحمن فاتح الأندلس ، أصله من وادي القرى بالحجاز كان أبوه نصير على حرس معاوية ، ونشأ موسى في دمشق وولى غزو البحر لمعاوية فغزى قبرس وبنى بها حصونا ... ثم غزا إفريقية وما وراءها من المغرب واستعمل مولاه طارق بن زياد الليثي على طنجة وأمره بغزو شواطىء أورپا ... له ترجمة حافلة مليئة بالمفاخر ... أدركه أجله بالمدينة المنورة عام ٩٧ ـ ٧١٥.
(١٠) كان حصار الجزيرة من لدن الفونص الحادي عشر عام ٧٤٢ ـ ١٣٤٢ بعد انتصاره على السلطان أبى الحسن في طريف ـ التاريخ الدبلوماسي للمغرب ج ٧ ص ٨٣ ـ ٨٤ ،
(١١) كان ذلك يوافق ١٣٣٣ ، وقد كان الملك فيرديناند الرابع القشتالي استولى عليه منذ عام ٧٠٩ ـ ١٣٠٩ ... ومن المهم أن نذكر هنا أن هذه المناسبة هي التي نقل فيها ناقوس كان لكنيسة بالأندلس ، نفل إلى فاس حيث ادخلت عليه تحسينات وعلق بالبلاط الأوسط بجامع القرويين في القبة الثامنة ، وقد نقش عليه اسم الامير أبى مالك بن السلطان أبى الحسن وكان قد نقش عليه ظهره كلمات نقشت بالحروف اللاتينية.
د. التازي : تاريخ جامعة القرويين ٢ ، ص ٣٥٩ ـ ٨٧ د ـ التاريخ الدبلوماسي للمغرب : ج ٧٩.