عنده من علوم مستودعة.
ولهذا أيضاً عمد علماء الإسلام إلى تأليف كتاب حول شأن نزول الآيات ، كالواحديّ وغيره ، جمعوا فيها ما عثروا عليه من وقائع وأحاديث في هذا السبيل.
على أنّ بعض الآيات ما لم يضّم إليها ، ما ورد حولها من شأن النزول لكانت غير واضحة المقصود ، وإليك نماذج من ذلك :
١. قوله سبحانه : ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ( البقرة : ١٨٩ ).
فيقال ، أي مناسبة بين السؤال عن الأهلّة والإجابة عنها بأنّها مواقيت للناس وبين قوله : ( وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا ... ) وعلى فرض وضوح المناسبة ، ماذا يقصد القرآن من هذا الدستور ( وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ) ؟ أليس هذا توضيحاً للواضح ؟ ولكن بالمراجعة إلى ما ورد حوله يظهر الجواب عن كلا السؤالين.
٢. قوله سبحانه : ( وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ ) ( النمل : ٨٢ ).
فما هذه الدابة التي تخرج من الأرض ، وكيف تكلمهم ومع من تتكلم ؟.
٣. وقوله سبحانه : ( وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) ( التوبة : ١١٨ ).
إلى غير ذلك من هذه الآيات التي تتضح الحقيقة فيها بالمراجعة إلى ما حولها من الأحاديث الصحيحة.
هذا هو مجمل القول في علّة احتياج القرآن إلى مبيّن ، وللوقوف على تفصيله لابدّ من بسط الكلام والتوسع في الحديث ، وقد ألفّنا في ذلك رسالةً خاصّة.