إنّ إيقاف الاُمّة على مقاصد الكلام الإلهيّ ، من دون زيادة أو نقصان ، ومن دون تحريف أو تزييف ، ومن دون جهل أو شطط يحتاج إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أو من يتحلى بمثل ما يتحلى به النبيّ من كفاءات علمية ومؤهلات فكريّة ... ويكون مضافاً إلى ذلك عيبةً لعلمه ، وأميناً على سره ، ومؤدّباً بتأديبه ، وناشئاً على ضوء تربيته ، حفاطاً على خطّ الرسالة من الشذوذ ، وصيانةً للفكر الإسلاميّ من الانحراف ، وصوناً للاُمّة من الوقوع في متاهات الحيرة والضلال والأخذ بالأهواء والأضاليل.
لقد كان من المتعيّن على الله بحكم الضرورة والعقل ، وانطلاقاً من الاعتبارات المذكورة ، أن يقرن كتابه بهاد يوضح خصوصياته ، ويبيّن أبعاده ، ويكشف عن معالمه ، ليؤوب إليه المسلمون عند الحاجة ، وترجع إليه الاُمّة عند الضرورة ويكون المرجع الصادق الأمين لمعرفة القرآن حتّى يتحقّق بذلك غرض الرسالة الإلهيّة ، وهو الإرشاد والهداية ، ودفع الاختلاف والغواية الناشئة من التفسيرات الشخصيّة العفويّة للقرآن الكريم.
إنّ ترك أمر الاُمّة وعدم نصب من يقدر ـ فيما يقدر ـ على هذه المهمّة القرآنيّة الخطيرة على ضوء ما استودع عنده النبيّ من معارف وعلوم إلهيّة قرآنيّة يؤدّي إلى اختلاف الاُمّة في الرأي والتفسير ، وهو بدوره يؤدّي لا محالة إلى ظهور الفرق والمذاهب المختلفة الشاذّة كما يشهد بذلك تأريخ الاُمّة الإسلاميّة.
يقول منصور بن حازم ، قلت لأبي عبد الله ( جعفر بن محمّد الصادق ) عليهالسلام :
إنّ الله أجلّ وأكرم من أن يعرف بخلقه بل الخلق يعرفون بالله.
قال : « صدقت ».
قلت : إنّ من عرف أنّ له ربّاً فينبغي له أن يعرف أنّ لذلك الربّ رضىً وسخطاً ، وأنّه لا يعرف رضاه وسخطه إلاّ بوحي أو رسول ، فمن لم يأته الوحي فقد ينبغي له أن يطلب الرسل فإذا لقيهم عرف أنّهم الحجّة ، وأنّ لهم الطاعة المفترضة ، وقلت للناس : تعلمون أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان هو الحجّة من الله على خلقه ؟ قالوا : بلى ، قلت : فحين