وهذا يفيد بوضوح أنّ ذلك الحقّ كان حقّاً شرعيّاً إلهيّاً ستسئل الاُمّة الإسلاميّة عنه يوم القيامة.
وخلاصة القول : أنّ النصوص متضافرة على أنّ الإمام كان موصى له بالخلافة ومنصوصاً عليه بالإمرة والولاية ... ولكنّه عليهالسلام لم يجد الظروف مناسبةً للمطالبة بذلك المقام المنصوص والحقّ المصرّح به ، حفاظاً على مصلحة الإسلام والمسلمين ، وتجنباً من سفك الدماء وتفرق وحدة الاُمّة ... وسقوط هيبتها. وهو أمر تقتضيها مصلحة القيادة الحكيمة.
وهكذا تبيّن ممّا سبق من البحث المفصّل ، أنّ القاعدة الأصليّة في صيغة الحكومة الإسلاميّة بعد النبيّ هو التنصيص الإلهيّ على حاكم معين باسمه وشخصه ... وهذا هو ما يعبر عنه بالوصاية.
وحاصلها ، أنّ الحاكم الأعلى في نظام الحكم الإسلاميّ يجب أن يكون منصوصاً عليه من جانب الله سبحانه ، فكما أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان نبيّاً ورسولاً وحاكماً وقائداً من جانب الله سبحانه ، فلابدّ أن يكون خليفته المتولّي لشؤون المسلمين من بعده ، منصوصاً عليه ، وعلى قيادته من جانبه سبحانه أيضاً.
فذلك كما أسلفنا ، ممّا يقتضيه العقل ويدلّ عليه الكتاب والسنّة ويؤكّده موقف الصحابة والخلفاء ، وتكشف عنه سيرة الامم السالفة والأنبياء السابقين.
وقد اقتصرت مهمّتنا في هذا البحث الموسّع ، على الاستدلال والبرهنة على هذه القاعدة الأصيلة في صيغة الحكومة الإسلاميّة ولا يهمّنا هنا إثبات من ورد في شأنه النصّ الإلهيّ ، وعيّنه الله سبحانه لإمرة المسلمين وقيادتهم ... فذلك موكول إلى الكتب المعتبرة والمصادر الموثوقة التي تهتمّ بهذا الأمر وتحتوي على النصوص المرتبطة به.
وصفوة القول ، أنّ جميع الأدلة النقليّة والمحاسبات العقليّة والاجتماعيّة والشواهد التأريخيّة تدلّ بالإجماع على ، أنّ الأصل الأصيل في الحاكميّة هو أنّ الحكم لله سبحانه وحده بالأصالة والاستقلال ، وهو يستخلف من يشاء من عباده الصالحين اللائقين