على منازعتي أمراً هو لي ».
وأمّا أنّ الإمام لماذا لم يقم على اخذ الحقّ مع ما يتمتّع به من الشرعيّة والقوّة ؟ فقد أشار الإمام إلى سببه في كلماته إذ قال معزياً ذلك إلى حرصه على وحدة المسلمين ودمائهم : « فرأيت أنّ الصبر على ذلك أفضل من فرقة المسلمين وسفك دمائهم والناس حديثوا عهد بالإسلام ، والدّين يمخض مخض الرّطب يفسده أدنى وهن ويقلبه أقلّ خلق ».
وإلى هذا السبب أشار في موضع آخر إذ قال : « لمّا قبض الله نبيّه قلنا نحن أهله وورثته وعترته وأولياؤه دون النّاس وأيم الله لولا مخافة الفرقة بين المسلمين وأن لا يعود الكفر ويبور الدّين لكنّا على غير ما كنّا لهم عليه » (١).
ولمّا طالب بعض اصحاب الإمام في أبيات له أن يطالب الإمام بذلك الحقّ الشرعيّ قال عليهالسلام : « سلامة الدّين أحبّ إلينا من غيره » (٢).
وفي كلام آخر له عليهالسلام نجده يعزي سكوته العظيم وإحجامه عن استخدام القوّة إلى عدم وجود النصير الحقيقيّ له إلاّ أهل بيته الذين كان يحرص على المحافظة عليهم : « فنظرت فإذا ليس معين إلاّ أهل بيتي فضننت بهم عن الموت وأغضيت على القذى وشربت على الشّجى ، وصبرت على أخذ الكظم وعلى أمر من طعم العلقم » (٣).
ويؤيّد أنّ الحقّ الذي كان يدّعيه الإمام عليهالسلام إنّما هو حقّ شرعيّ ، أنّه حكّم الله بينه وبين من دفعوه عن مقامه إذ قال لمن سأله وهو أحقّ به : « فاعلم فأمّا الاستبداد علينا بهذا المقام ونحن الأعلون نسباً والأشدّون برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم نوطاً ( أي تعلّقاً ) فإنّها كانت أثرةً شحّت عليها نفوس قوم وسخت عنها نفوس آخرين والحكم الله ، والمعود إليه يوم القيامة » (٤).
__________________
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ : ٣٠٧.
(٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٦ : ٤١.
(٣ و ٤) نهج البلاغة : الخطبة ٢٦ ـ ١٥٧.