( لم يرد في الكتاب أمر صريح بشكل انتخاب خليفة لرسول الله اللّهمّ إلاّ تلك الأوامر العامّة التي تتناول الخلافة وغيرها مثل وصف المسلمين بقوله تعالى : ( وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ ) (١) وكذلك لم يرد في السنّة بيان نظام لانتخاب الخليفة إلاّ بعض نصائح تبعد عن الاختلاف والتفرّق ، كأنّ الشريعة أرادت أن تكل هذا الأمر للمسلمين حتّى يحلّوه بأنفسهم ، ولو لم يكن الأمر كذلك لمهّدت قواعده وأوضحت سبله ، كما أوضحت سبل الصلاة والصيام ) (٢).
وما ذكره الأستاذ ادّعاء غريب إذ فيه :
أوّلاً : كيف لم يرد في السنّة بيان نظام خاصّ حول الخلافة إلاّ الأوامر العامّة ، وقد فصّل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم جلائل الأمور وصغائرها فيما هو أقلّ شأناً من أمر الخلافة بكثير.
كيف وقد بين الرسول كثيراً من المستحبات والمسنونات التي لا تبلغ في الأهميّة والخطورة مبلغ الخلافة والحكومة.
وثانياً : إنكّ قد عرفت أنّ أمر الخلافة لا يصحّ أن يكله النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الاُمّة وقد عرفت الوجوه الدالة على ذلك ، من عدم بلوغ الذروة في أمر القيادة ، وتجذّر الخلافات العشائريّة بينهم ، والخطر الثلاثي الذي يحدق بهم ، ويهدّد كيانهم (٣).
وثالثاً : أنّ الاستاذ لو أحاط بتاريخ الإسلام والمسلمين وما أثر من الرسول من أحاديث صحيحة ومتواترة حول الخلافة لوقف على النصوص الصريحة في لون الخلافة ونظامها في جميع الظروف.
__________________
(١) الشورى : ٣٨.
(٢) محاضرات في تاريخ الامم الإسلاميّة ٢ : ١٦١.
(٣) لاحظ صفحة ٧٦ ـ ١٠٠ من هذا الجزء.