فالآية تصور حال الفرد المؤمن والفرد الكافر.
فالمؤمن ، بما أنّه ليس في عنقه إلاّ طاعة الله فهو بمنزلة رجل سلم لرجل ، والفرد الكافر ، بما أنّه يعتقد بالوهيّات مختلفة متعدّدة فإنّه كرجل فيه شركاء متشاكسون ، هذا حال الفرد ، ومثله حال المجتمع المؤمن والمجتمع الكافر ، فالأوّل بما أنّه لا يخضع لحاكميّة أحد سوى الله سبحانه فهو بمنزلة رجل سلم لرجل ، والمجتمع الكافر بما أنّه لا يدور أمره حول محور واحد في العقيدة والنظام فهو كرجل تتنازع فيه شركاء.
ونظيره قوله سبحانه : ( يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ ءَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) ( يوسف : ٣٩ ).
ثانياً : إقامة العلاقات الاجتماعيّة على أساس العبودية المخلصة لله تعالى ، وتحرير الإنسان من عبودية الأسماء التي تمثّل أبشع أنواع الاستغلال والجهل والطاغوت كما يشير إليه قوله : ( مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم ) ( يوسف : ٤٠ ).
وهو إلذي أشار إليه الإمام عليّ عليهالسلام بقوله : « بعث الله محمّداً صلىاللهعليهوآلهوسلم ليخرج عباده من عبادة عباده إلى عبادته ومن عهود عباده إلى عهوده ، ومن طاعة عباده إلى طاعته ، ومن ولاية عباده إلى ولايته » (١).
ثالثاً : تجسيد روح الاُخوة العامّة في جميع العلاقات الاجتماعيّة ، بعد محو كلّ ألوان التمييز والتسلط والاستغلال ... فما دام الله واحداً ولا سيادة إلاّ له وحده ومادام الناس جميعاً متساوون بالنسبة إليه ، فالجميع خلفاؤه في الأرض في تدبير ما فيها من أشياء ، فيجب أن يكونوا اخوة متكافئين في الكرامة الإنسانية والحقوق الطبيعيّة كأسنان المشط.
فالجماعة البشريّة التي تتحمّل مسؤوليّة الخلافة على الأرض ، إنّما تمارس هذا الدور بوصفها خليفةً عن الله سبحانه ، ولهذا فهي غير مخوّلة أن تحكم بهواها أو باجتهادها المنفصل عن توجيه الله سبحانه ، لأنّ هذا يتنافى مع طبيعة الاستخلاف
__________________
(١) الوافي ٣ : ٢٢.