وقال آخرون : من علماء الكوفة : تنعقد بثلاثة يتولاّها أحدهم برضا الاثنين ليكونوا حاكماً ، وشاهدين ، كما يصح عقد النكاح بوليّ وشاهدين.
وقالت طائفة اُخرى : تنعقد بواحد لأنّ العبّاس قال لعليّ (رض) : أمدد يدك اُبايعك فيقول الناس عمّ رسول الله بايع ابن عمّه ، فلا يختلف عليك اثنان ، ولأنّه حكم وحكم الواحد نافذ ) (١).
وقال القاضي العضديّ ـ في المقصد الثالث فيما تثبت به الإمامة ـ من كتابه : ( إنّها تثبت بالنص من الرسول ومن الإمام السابق بالإجماع ، وتثبت ببيعة أهل العقد والحلّ ) (٢).
ومن المعلوم ، أنّ الاختلاف الواقع في عدد من تنعقد به الشورى يفيد ـ بوضوح ـ أنّه لم يكن هناك أي نصّ من الشارع المقدّس على أنّ الإمامة تنعقد بالشورى ، ولذلك اختلفوا فيها على مذاهب وغاب عنهم وجه الصواب.
ثمّ إنّ من مظاهر الاختلاف الواقع في مسألة الشورى أنّ القائلين بها انقسموا ـ في أثرها ـ على قسمين :
الأوّل : وهم الأكثريّة ، ذهبوا إلى أنّ انتخاب أهل الشورى كان ملزماً للاُمّة ، فوجب عليها أن تسلِّم لمن اختاروه بهذا الطريق.
الثاني : أنّ انتخاب أهل الشورى لأحد ليس أزيد من ( ترشيح ) له ، وكان للاُمّة هي أن تختاره ، أو لا تختاره فكان الملاك هو رأي الاُمّة (٣).
غير أنّ هذا الرأي لا يتفق مع خلافة الخلفاء الذين تسنّموا عرش الخلافة بالشورى ، فقد كان انتخابهم ملزماً يومذاك على رأيهم ، ولم يكن من باقي الاُمّة إلاّ الاتباع والتسليم.
__________________
(١) الأحكام السلطانيّة للماورديّ : ٤.
(٢) شرح المواقف ٣ : ٢٦٥.
(٣) راجع الشخصيّة الدوليّة لمحمّد كامل ياقوت : ٤٦٣.