الكثيرة التي حذفها الرضي رحمهالله من الرسالة كما هو دأبه في أكثر الخطب والكتب (١).
فإنّ الإمام عليّ عليهالسلام بدأ رسالته بقوله : « أمّا بعد فإنّ بيعتي بالمدينة لزمتك وأنت بالشام ، لأنّه بايعني ... ».
ثمّ ختمها بقوله : « وإنّ طلحة والزبير بايعاني ثمّ نقضا بيعتي وكان نقضهما كردِّهما فجاهدتهما على ذلك حتّى جاء الحقُّ وظهر أمر الله وهم كارهون ، فادخل فيما دخل فيه المسلمون ».
ثمّ قال : « وقد أكثرت في قتلة عثمان فادخل فيما دخل فيه المسلمون ثمّ حاكم القوم إليّ أحملك وإياهم على كتاب الله (٢) ، وأمّا تلك الّتي تريدها فخدعة الصبيّ عن اللبن ».
هذا وقد طلب معاوية قبل أن يكتب إليه الإمام هذا الكتاب بأن يسلِّم إليه قتلة عثمان حتّى يقتصّ منهم ثمّ يبايع الإمام عليّاً عليهالسلام هو ومن معه ، وهذا هو ما سمّاه الإمام بخدعة الصبي عن اللبن.
وهذه الجمل والعبارات التي تركها الرضيّ في نقل الكتاب تشهد بأنّ الإمام كتب هذه الرسالة من باب الجدل والاستدلال بما هو موضع قبول الخصم.
ثمّ إنّ ملاحظة قول : « إنّه بايعني القوم الّذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان » تدلّ أيضاً على أنّ الإمام كان في مقام المجادلة وإفحام الخصم بما هو مسلّم عنده. فالابتداء بتماميّة الخلافة للشيخين بمبايعة المهاجرين والأنصار لهما لأجل إسكات معاوية الذي يعتبر هذه البيعة هي الملاك في خلافة الخليفة. ولولا هذا لما كان لذكر خلافة الشيخين عن طريق البيعة والشورى وجه. ولأجل ذلك نجد الإمام عليهالسلام يردف هذه
__________________
(١) ولد الرضي عام ( ٣٥٩ ه ) وتوفّي ( ٤٠٦ ه ).
(٢) راجع ( وقعة صفّين ) لنصر بن مزاحم ( طبعة مصر ) : ٢٩.