لإجراء الحدود والعقوبات وتنفيذ الأحكام الجزائيّة ، وهي اُمور لا يمكن أن تتحقّق إلاّ في ظلّ سلطة وجهاز تنفيذيّ.
من هنا ؛ تكون الوظيفة العموميّة وما يترتّب عليها من الحبس والتأديب والقصاص وما شابه ؛ مقتضية لوجود سلطة تنفيذيّة يعهد إليها الأمر والنهي الاجتماعيين العموميين ، الذين فيهما صلاح عامّة الناس ، واستقامة اُمورهم عامّة ويمكن إستفادة هذا المطلب من كلام للسيدة فاطمة الزهراء عليهاالسلام إذ قالت : « والأمرُ بالمعروف مصلحة للعامَّة » (١).
إذ أي أمر بالمعروف يمكن أن يكون مصلحة للعامّة إذا لم يكن القائم به جهاز ذو قدرة وسلطان يقوم بذلك عن طريق التشكيلات والتنفيذ العام.
كما ويمكن استفادة ذلك أيضاً من كلام الإمام عليّ عليهالسلام إذ قال : « ... أخذ الله على العُلماء أن لا يقارّوا على كظّة ظالم وسغب مظلوم » (٢).
فكيف يمكن منع الظالم من ظلمه ، ومنع المستغلّ من الاستئثار بلقمة الفقير ، إلاّ بجهاز وسلطة خاصّة ، فليس العلماء المذكورون في هذا الحديث إلاّ ذلك الجهاز التنفيذيّ القادر على الإجراء.
وكذا يستفاد هذا الأمر من كلام آخر للإمام عليهالسلام وهو يتحدّث عن الوالي وماله وما عليه : « اللّهمَّ إنّك تعلم أنّه لم يكن الّذي كان منّا منافسةً في سلطان ولا التماس شيء من فضول الحطام ولكن لنردَّ المعالم من دينك ، ونظهر الإصلاح في بلادك فيأمن المظلومون من عبادك وتقام المعطَّلة من حدودك » (٣).
__________________
(١) بلاغات النساء لابن طيفور ـ المتوفّى عام ( ٣٨٠ ه ) ـ ص ١٢ ، ومعاني الأخبار : ٣٣٦.
(٢) نهج البلاغة : الخطبة (٣).
(٣) نهج البلاغة : الخطبة (١٢٧) شرح عبده ، وقد ورد نظيره عن الإمام الحسين بن عليّ إذ قال : « اللّهم إنّك تعلم أنّه لم يكن ما كان منّا تنافساً في سلطان ، ولا التماساً من فضول الحطام ولكن لنرى المعالم من دينك ونظهر الإصلاح في بلادك ، ويأمن المظلومون من عبادك ويعمل بفرائضك وسننك وأحكامك » راجع تحف العقول : ١٧٢ ( طبعة بيروت ).