تأمن المذاهب ، وتحلّ المكاسب ، وتردّ المظالم وتعمّر الأرض ، وينتصف من الأعداء ، ويستقيم الأمر » (١).
ومن المعلوم أنّ الأمر والنّهي المؤدّيين إلى أمان الطّرق والمسالك وعمارة الأرض والانتصاف من الأعداء للمظلومين لا يتيسّر إلاّ بجهاز تنفيذيّ قويّ ، وسلطة إجرائيّة قادرة تتحمّل عبء الأمر والنّهي على المستوى العموميّ وبواسطة الأجهزة والتشكيلات ، هذا مضافاً إلى أنّ ذكر الأنبياء في الحديث لعلّه يوحي بأنّ الأمر والنهي المذكورين هنا هو ما كان مقروناً بالحاكميّة والسلطة على غرار ما كان للأنبياء عليهمالسلام حيث كانوا يمارسون مهمّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ غالباً ـ من موقع السلطة والحاكميّة والولاية لا من موقع الفرد ومن موضع التبليغ ومجرد الوعظ والإرشاد الفرديّ.
وعن النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : « لا تزال اُمّتي بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وتعاونوا على البرِّ فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات ، وسلّط بعضهم على بعض ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء » (٢).
وقال الإمام عليّ عليهالسلام : « إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دعاء إلى الإسلام مع ردِّ المظالم ، ومخالفة الظالم وقسمه الفيء وأخذ الصدقات من مواضعها ووضعها في حقّها » (٣).
ومن البين أنّ مخالفة الظالم وردعه وإيقافه عند حدّه ، وتقسيم المال بين المسلمين بصورة عادلة وأخذ الصدقات والموارد الماليّة ، الذي يعني التنظيم الاقتصاديّ على المستوى العام للمجتمع ، لا يتأتّى عن طريق الأمر والنهي الفرديين والمنحصرين في إطار الموعظة بل يحصل ويتحقّق بوجود جهاز تنفيذيّ حاكم وسلطة إجرائيّة تتولّى إدارة دفّة البلاد وفق تعاليم الإسلام ، فإنّ مثل هذا الأمر والنهي يحتاج إلى استعمال القوّة
__________________
(١ و ٢) وسائل الشيعة ١١ : ٣٩٥ ، ٣٩٨.
(٣) وسائل الشيعة ١١ : ٤٠٣ ، وقد ورد مثلها عن الإمام الحسين بن عليّ في تحف العقول : ١٧١ ( طبعة بيروت ).