وأمّا الأحاديث والأخبارُ الواردة في شأن وظيفة الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر فهي أيضاً تُقسِّم هذه الفريضة إلى قسمين :
قسم لا يحتاج القيام به الى جهاز خاص وقدرة وتمكّن ، لأنّه لا يتجاوز القلب واللسان والوجه. وقسم يتوقّف القيام به على الجهاز والقوَّة والسّلطة.
وإلى القسم الأوّل يشير ما روي عن الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام إذ قال : « من ترك إنكار المنكر بقلبه ولسانه فهو ميّت بين الأحياء » (١).
وعنه عليهالسلام أيضاً قال : « أمرنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن نلقى أهل المعاصي بوجوه مكفهرَّة » (٢).
وقال عليهالسلام أيضاً : « أدنى الإنكار أن تلقى أهل المعاصي بوجوه مكفهرّة » (٣).
وعن الإمام الصادق جعفر بن محمّد عليهالسلام إذ قال : « حسبُ المؤمن غيراً ( أي غيرة ) إذا رأى منكر أن يعلم الله عزَّ وجلَّ من قلبهُ إنكاره » (٤).
وهذا القسم من الأحاديث الحاثَّة على الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر يشملُ كلّ فرد من أفراد المسلمين ولا يتجاوز القلب والوجه واللسان ويمكن لأيِّ فرد من الأفراد القيام به ؛ إذ لا يحتاج إلى تكلّف مؤنة ، ولا توفّر قوَّة وسلطة وهو بالتالي يعمُّ كلّ مسلم آمراً ومأموراً حاكماً ومحكوماً.
وأمّا القسم الثاني ؛ وهي الأحاديث التي تجعل الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر دعامةً لأقامة الفرائض ، وسبيلاً إلى أمن الطرق والمسالك ، وردِّ المظالم ، وردع الظَّالم ، ووسيلةً إلى عمارة الأرض والانتصاف من الأعداء وهي اُمور لا تتحقّق إلاّ بجهاز قادر متمكِّن فهي كالتالي :
قال الإمام محمّد بن علي الباقر عليهالسلام : « إنَّ الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام الفرائض والنَّهي عن المنكر سبيل الأنبياء ومنهاج الصلحاء بها
__________________
(١ و ٢) وسائل الشيعة ١١ : ٤٠٤ ، ٤١٣.
(٣ و ٤) وسائل الشيعة ١١ : ٤١٣ ، ٤٠٩.