تنفيذيّة واسعة الأطراف والأبعاد ، ولذلك لم يكن في ( العهد النبوي ) سلطة باسم السلطة التنفيذيّة ، ولا وزارة ولا وزارات (١) ولا مديريّات مركزيّة ومحليّة على غرار ما يوجد الآن ، بل كان هناك فيما وقفنا عليه من خلال مطالعة ذلك العهد ـ تقسيم بعض المسؤوليّات الإداريّة والمهامّ السياسيّة على الأفراد القادرين على تحمّلها ، والصالحين للقيام بها ، وهذا هو المهمّ معرفته في هذا المقام ، فإنّ المهمّ هو معرفة كيفيّة إدارة المجتمع على عهد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والاطّلاع على ما إذا اتّخذ النبيّ الأكرم وهو أوّل حاكم إسلاميّ أعلى للاُمّة الإسلاميّة من وازروه وعاونوه في مسألة الإدارة ، وتدبير شؤون الاُمّة في مجالات السياسة والعسكريّة والقضاء وما شابه أم لا ، لنرى ما إذا كان يتعيّن على الدولة الإسلاميّة أن تتّخذ مثل هذه السلطة أم لا ، وكيف ؟
إنّ المراجع لتاريخ الحكومة النبويّة يرى بوضوح ؛ أنّ النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يمارس حكومته على المسلمين من خلال توزيع بعض المسؤوليّات على أفراد صالحين ، وكان ذلك يمثّل التشكيلات الإداريّة في ذلك العهد والتي تعادل الوزارات في هذا العصر ونحن لا ننكر أنّها كانت تشكيلات إداريّة بسيطة ، ولكنّها توسّعت فيما بعد واتّخذت أشكالاً أكثر تنظيماً وسعة باتّساع رقعة البلاد الإسلاميّة ، وتطوّر الحاجات الاجتماعيّة وتشعّبها ، واتّساع نطاقها الذي اقتضى ـ بدوره ـ التوسّع في التشكيلات الإداريّة وإحداث الوزارات والدواوين والدوائر والأجهزة التنفيذيّة المتعدّدة.
إنّ من يراجع تاريخ الحكومة النبويّة يجد أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يعيّن الاُمراء العامّين على النواحي ويقيم الولاة على البلاد ويعيّن رجالاً للقضاء ، وآخرين لجباية الصدقات وجلب الزكوات ، وآخرين للكتابة ، وربّما أمّر الرجل على قومه لأنّه أيقظ عيناً وأدرى بفنون الحرب من غيره ، أو خلّف أحداً مكانه عند غيابه ، كما كان يخلّف ابن اُمّ مكتوم في بعض الأحيان عند غيابه عن المدينة (٢). وكما خلف عليّاً عليهالسلام عند خروجه لغزوة
__________________
(١) نعم اتّخذ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عليّاً عليهالسلام وزيراً لنفسه كما يدلّ عليه حديث بدء الدعوة ، لاحظ الصفحة ٨٣ من هذا الكتاب.
(٢) الكنى والألقاب ( للقمّي ) ١ : ٢٠٨.