وهو عليهالسلام في موضع آخر يلخّص هدف الحكم الإسلاميّ في كلمتين لا أكثر ، يقول ابن عبّاس : دخلت خيمة عليّ عليهالسلام بذي قار ، فوجدته يخصف نعله ، فقال لي : « ما قيمة هذه النعل » ؟
فقلت : لا قيمة لها.
فقال : « والله لهي أحبُّ إليّ من إمرتكم إلاّ أن أقيم حقّاً أو أدفع باطلاً » (١).
ثمّ ها هو عليهالسلام يوصي أحد ولاته بقوله : « ... وأشعر قلبك الرّحمة للرّعيّة والمحبّة لهم ، واللطف بهم ، ولا تكوننّ عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم فإنّهم صنفان : إمّا أخ لك في الدّين أو نظير لك في الخلق » (٢).
فإذن ليست الحكومة في ظلّ الإسلام إلاّ الرحمة والمحبّة واللطف التي يجب أن تعمّ كلّ المواطنين ، لا السبعيّة والغلظة التي تتّصف بها الحكومات غير الإسلاميّة.
كما يمكن أن نعرف طبيعة الدولة الإسلاميّة من كلام الإمام الشهيد الحسين بن عليّ عليهالسلام إذ يقول : « اللّهمّ ، إنّك تعلم أنّه لم يكن ما كان منّا تنافساً في سلطان ، ولا التماساً من فضول الحطام ولكن لنري المعالم من دينك ونظهر الإصلاح في بلادك ويأمن المظلومون من عبادك ، ويعمل بفرائضك وسننك وأحكامك » (٣).
إنّ المتخوّفين من قيام الدولة مطلقاً أو من قيام الحكومة الإسلاميّة خاصّةً ، إمّا أنّهم يجهلون أهداف الحكومة الإسلاميّة ، وإمّا أنّهم من ذوي السوابق السوداء والمطامع الرخيصة ، فيرعبهم قيام الحكومة الإسلاميّة العادلة خيفةً من الفضيحة ، أو خشيةً من العقاب.
إنّ الدولة الإسلامية لا تشمل المواطنين المسلمين فقط ، بعدلها ورحمتها ولطفها ، بل تشمل من سواهم من أهل الملل الاخرى كاليهود والنصارى وغيرهم ، بذلك حتّى
__________________
(١) نهج البلاغة : الخطبة ٣٢.
(٢) نهج البلاغة : الرسالة ٥٣ لمالك الأشتر واليه على مصر.
(٣) تحف العقول : ١٧٢ ، طبعة بيروت.