وقد وصف الله سبحانه مهمّة نبيّه محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّها مهمّة التذكير والإرشاد لا القهر والإجبار فقال : ( فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ ) ( الغاشية : ٢١ ـ ٢٢ ).
وستعرف ـ في الفصول القادمة ـ مدى تسامح الإسلام مع أصحاب الشرائع الاُخرى وما قرّره للأقلّيات الدينيّة من حريّات وحقوق.
فلأجل هذه الحريّة لا يجوز أن يجبر كافر ( كتابيّ أو غير كتابيّ ) على إعتناق الإسلام ، أو يمنع الوثني إذا أراد أن يعتنق إحدى الشرائع الكتابيّة الاُخرى أو أراد أن ينتقل من وثنيّة إلى وثنيّة اُخرى ، أو يتحوّل يهوديّ إلى النصرانيّة أو نصرانيّ إلى اليهوديّة.
نعم لا يحقّ للمسلم أن يبدّل دينه إلى غير الإسلام لأنّ في ذلك إهانة للدين وجرحاً للعقيدة الإسلاميّة وإضعافاً لموقع المسلمين ولذلك يقتل المرتدّ إذا كان معانداً ، إلاّ إذا كان شاكّاً إشتبه عليه الأمر فوجب رفع شبهته وتبديد شكّه ، فإن عاند ـ بعد ذلك ـ قتل ، وتقبل توبة المرتدّ الفطريّ إذا كان إرتداده عن شبهة حصلت له ، واعترضت سبيل اعتقاده.
بيد أنّ الارتداد الجماهيريّ لا يكون سبباً لتطبيق حكم الارتداد ، وهو لا يكون غالباً عن تغيير طبيعيّ وجذريّ في الاعتقاد ، إذ يكون عادة بسبب الجوّ الفكريّ أو الدعاية الكبرى التي ينحرف بسببها الكثيرون ولا يؤمن معها على انحراف عقيدة وتبديل دين.
على أنّ الإسلام لا يترك الناس دون توجيه وارشاد وتبيين الرشد من الغيّ ، ومن هذا الباب ، نفيه لكلّ العوامل والأمور التي تمنع من التفكّر الصحيح.
فقد عمل الإسلام على إزالة كلّ الموانع أمام الرشد الفكريّ السليم التي توجب انحراف العقيدة وتقييد الفكر البشريّ عن النمو والانطلاق وهذه الموانع هي :
١. الإبقاء في الجهل والعمى.
٢. التفتيش عن العقائد.