وقال : « من آذى ذميّاً فأنا خصمُه ومن كُنتُ خصمهُ خصمتُهُ يوم القيامة » (١).
وكتب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لأبي الحارث بن علقمة أسقف نجران :
« بسم الله الرّحمن الرحّيم. من محمّد النبيّ إلى الأسقف أبي الحارث وأساقفة نجران وكهنتهم ومن تبعهم ورهبانهم ، أنّ لهم ما تحت أيديهم من قليل وكثير من بيعهم وصلواتهم ورهبانيّتهم وجوار الله ورسوله ، لا يغيّر أسقف من أسقفيّته ، ولا راهب من رهبانيّته ولا كاهن من كهانته ، ولا يغيّر حق من حقوقهم ولا سلطانهم ولا شيء ممّا كانوا عليه ما نصحوا وصلحوا فيما عليهم غير مثقلين بظلم ولا ظالمين وكتب المغيرة » (٢).
وإليك نموذج آخر من هذه العهود :
( بسم الله الرحّمن الرّحيم ، وبه العون ، هذا كتاب كتبه محمّد بن عبد الله إلى كافّة النّاس أجمعين بشيراً ونذيراً ، ومؤتمناً على وديعة الله في خلقه لئلاّ يكون للنّاس على الله حجّة بعد الرّسل ، وكان الله عزيزاً حكيماً ، كتبه لأهل ملّته ، ولجميع من ينتحل دين النّصرانيّة من مشارق الأرض ومغاربها ، قريبها وبعيدها ، فصيحها وعجميها ، معروفها ومجهولها ، كتاباً جعله لهم عهداً ، ومن نكث العهد الّذي فيه وخالفه إلى غيره ، وتعدّى ما أمره كان لعهد الله ناكثاً ، ولميثاقه ناقضاً وبدينه مستهزئ ، وللّعنته مستوجباً ، سلطاناً كان أم غيره من المسلمين المؤمنين ، وإن احتمى راهب أو سائح في جبل أو واد أو مغارة أو عمران أو سهل أو رمل أو ردنة أو بيعة فأنا أكون من ورائهم ذابّ عنهم ، من كلّ عدة لهم ، بنفسي وأعواني ، وأهل ملّتي وأتباعي ، كأنّهم رعيّتي ، وأهل ذمّتي وأن أعزل عنهم الأذى في المؤن التي تحمل أهل العهد من القيام بالخراج إلاّ ما طابت به نفوسهم وليس عليهم جبر ولا إكراه على شيء من ذلك ، ولا يغيّر أسقف من أسقفيّته ، ولا راهب من رهبانيّته ، ولا حبيس من صومعته ، ولا سائح من سياحته ، ولا يهدم بيت من بيوت
__________________
(١) روح الدين الإسلاميّ : ٢٧٤.
(٢) الطبقات الكبرى ١ : ٢٦٦ ، والبداية والنهاية ٥ : ٥٥ ، والوثائق السياسيّة : ١١٥ رقم ٩٥ كما في مكاتيب الرسول ٢ : ٣٣٣.