المشركين والتواطؤ معهم ضدّ مصالح الإسلام والمسلمين.
الثاني : أن يلتزموا بأن تجري عليهم أحكام المسلمين ... بمعنى وجوب قبولهم لما يحكم به المسلمون من أداء حقّ أو ترك محرّم.
والمراد من الأحكام هي الأحكام الاجتماعيّة والجزائيّة ، كجلدهم إذا زنوا ، وقطع أيديهم إذا سرقوا وما شابه.
الثالث : القبول بدفع الجزية ... .
فهذه الشروط الثلاثة تعتبر من مقوّمات الذمّة ، وأمّا غير ذلك من الشروط فإنّما يجب العمل بها من جانبهم إذا اشترطت في ( عقد الذمّة ) (١).
إنّ في مقدور الأقليّات الدينيّة ـ بعقد الذمّة ـ أن تعيش بين المسلمين عيشة حرّة ، ويكون لها ما للمسلمين وعليها ما على المسلمين ، من حقوق اجتماعيّة ، وأمن داخليّ ، وحماية خارجيّة ، وتلك هي وظيفة الحكومة الإسلاميّة أن توفّر ظروف العيش الآمن ، والاحترام المناسب للأقليّات الدينيّة ، والحفاظ على أرواحهم وأموالهم وأعراضهم ، من دون أي عدوان وتجاوز وحيف ، هذا فيما إذا عمل أهل الكتاب وغيرهم بشرائط الذمّة والهدنة.
إنّ الإسلام يحترم دماء الكتابيّين الذين يعيشون في الذمّة وأعراضهم كما يحترم دماء المسلمين وأعراضهم دون فرق ، وتلك حقيقة لا تجد نظيرها في أي نظام غير النظام الإسلاميّ مهما كان إنسانيّاً ، ولهذا عندما يسمع الإمام عليّ عليهالسلام بأنّ جماعة من البغاة أغاروا بأمر معاوية على ( الأنبار ) وهي إحدى مدن العراق ، واعتدوا على أهلها ، وأعراضهم وأموالهم ، نجده ينزعج غاية الانزعاج ويحزن غاية الحزن ، ويمضي في لومهم وشجبهم قائلاً ـ في أسف ظاهر ـ : « ولقد بلغني أنّ الرّجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة ، والاُخرى المعاهدة ، فينتزع حجلها ، وقلبها ، وقلائدها ورعاثها ، ما تمنع منه إلاّ بالاسترجاع ، والاسترحام ثمّ انصرفوا وافرين ما نال رجلاً منهم كلم ولا اريق منهم
__________________
(١) جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام ٢١ : ٢٧١.