وقال الإمام الصادق عليهالسلام : « ليس الزّهدُ في الدّنيا بإضاعة المال ، ولا بتحريم الحلال بل الزّهدُ في الدّنيا أن لا تكون بما في يدك أوثقُ منك بما في يد الله عزّ وجلّ » (١).
وعن الإمام عليّ عليهالسلام أنّه قال : « الزّهدُ بين كلمتين من القُرآن : قال الله سُبحانهُ : ( لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ) ومن لم يأس على الماضي ، ولم يفرح بالآتي ، فقد أخذ الزّهد بطرفيه » (٢).
وعن الإمام عليّ بن الحسين السجّاد عليهالسلام أنّه جاءه رجل فقال له :
فما الزهد قال : « الزّهدُ عشرُ درجات ، فأعلى درجات الزّهد أدنى درجات الرّضا ، ألا وإنّ الزّهد في آية من كتاب الله ( لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ) » (٣).
وأمّا التوكّل على الله فلا يعني ترك العمل بل يعني أن يتوسّل الإنسان بكلّ الأسباب الظاهريّة لقضاء حوائجه ، ولكي يرفع كلّ نقص في الأسباب الطبيعيّة يستمدّ المدد والعون من الله ، ويستعينه على التوفيق.
إنّ الإنسان المتوكّل يعلم أنّه يعيش في عالم الأسباب والمسبّبات وأنّ إرادة الله تعلّقت بأن يتوصّل الإنسان إلى مقاصده عن طريق هذه الأسباب ، فيكون التمسّك بهذه الأسباب أخذاً بأمره ، واتّباعاً لقانونه ، ولكن حيث إنّ هذه العلل والأسباب قد تقصر عن اداء المطلوب ، أو ربما لا يتعرّف الإنسان عليها أو على بعضها أو ربّما يعوقه عائق فإنّ الله يأمر المسلم بأن يتّكل على قدرة الله المطلقة ، ويطلب منه العون والمدد على قضاء حوائجه دون أن يقنط أو ييأس اتّجاه هذه المشاكل ، ويزداد هذا المعنى وضوحاً إذا علمنا بأنّ الحثّ على التوكّل والأمر به جاء في سياق آيات الجهاد والقتال والمرابطة ، والعمل ، والاجتهاد وقد خاطب الله ـ في الأغلب ـ به المجاهدين ، وإليك طائفة من هذه الآيات ، قال سبحانه : ( إِذْ هَمَّت طَّائِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلا وَاللهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ
__________________
(١) معاني الأخبار للصدوق : ٢٣٩.
(٢) نهج البلاغة : الحكم رقم ٤٣٩.
(٣) معاني الأخبار للصدوق : ٢٣٩.