قَدِيرٌ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) ( المممتحنة : ٧ ).
وبالتالي فإنّ الإسلام يدعو إلى اقرار السلام في جميع أرجاء الحياة البشريّة.
وقد سار النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم على هذا النهج الإنسانيّ ، فقد فعل ـ عند فتح مكّة ـ ما يكون اُسوة حسنة بعده للحكومات الإسلاميّة حال الفتح فقد أعطى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رايته ـ يوم فتح مكّة ـ سعد بن عبادة ، وهو أمام الكتيبة فلمّا مرّ سعد براية النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على أبي سفيان نادى : يا أبا سفيان اليوم يوم الملحمة ، اليوم تستحلّ (١) الحرمة اليوم أذلّ الله قريشاً.
فأقبل رسول الله حتّى إذا حاذى أبا سفيان ناداه :
يا رسول الله أمرت بقتل قومك ، زعم سعد ومن معه حينما مرّ بنا فقال : يا أبا سفيان اليوم يوم الملحمة ، اليوم تستحلّ الحرمة اليوم أذلّ الله قريشاً وإنّي أنشدك الله في قومك ، فأنت أبرّ الناس وأرحم الناس وأوصل الناس.
قال عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان : ما نأمن سعداً أن يكون منه في قريش صولة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « اليومُ يومُ المرحمة اليومُ أعزّ الله فيه قُريشاً ».
[ قال ] : وأرسل رسول الله إلى سعد فعزله ، وجعل اللواء إلى قيس بن سعد (٢).
وأقدم دليل على توخّي الإسلام للتعايش السلميّ ، والسعي إليه بكلّ وسيلة ممكنة ما دام الخصم لا يريد العدوان ، تلك الوثيقة المعروفة التي وقّعها الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم مع قريش في ( الحديبيّة ) ، فإنّ فيها مواداً تدلّ على مدى اهتمام الإسلام بقضيّة السلام ، والتعايش السلميّ ومدى سعيه لإقراره ما أمكنه ، فإنّ الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا أراد أن يكتب وثيقة الصلح بينه وبين أهل مكّة ، دعا صلىاللهعليهوآلهوسلم عليّ بن أبي طالب عليهالسلام فقال : « اكتُب بسم الله الرّحمن الرّحيم ».
فقال سهيل : لا أعرف هذا ولكن اكتب : باسمك اللّهمّ.
__________________
(١) في رواية : تسبى.
(٢) مغازي الواقديّ ٢ : ٨٢١ ـ ٨٢٢ وأعلام الورى للطبرسيّ : ١٩٧.