غزوة ودان فقال : يا محمّد أجئت للقاء قريش على هذا الماء ؟ قال : « نعم يا أخا بني ضمرة وإن شئت مع ذلك رددنا إليك ما كان بيننا وبينك (١) ثُمّ جالدناك حتّى يحكُم الله بيننا وبينك » (٢).
ومن هذا القبيل ما جرى في صلح الحديبيّة الذي مرّ عليك.
ونمثّل للتعهّدات المتقابلة على الاُمور الإيجابيّة بما حصل بين النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وخزاعة في الحديبيّة ، حيث كان من بنود صلح الحديبيّة مع قريش أنّه من أحبّ أن يدخل في عقد محمّد وعهده دخل فيه ، ومن أحبّ أن يدخل في عهد قريش وعهدهم دخل فيه ، فدخلت خزاعة في عقد رسول الله وعهده ، وهو يمثّل التعاون الدفاعيّ الذي يطلق عليه اليوم بالمعاهدات الدفاعيّة.
ويستفاد من حياة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ إلغاء المعاهدة كان يتمّ تارة بصورة مباشرة واُخرى بصورة غير مباشرة.
فنرى أنّ قريشاً لمّا عاونت بني كنانة معاونة غير مباشرة بالسلاح عدّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ذلك نقضاً وذلك عندما تحقّقت الهدنة اغتنمها بنو الديل من بني بكر من خزاعة وأرادوا أن يصيبوا منها ثأراً ، فخرج نوفل بن معاوية وهو يومئذ قائدهم حتّى بيت خزاعة وهم على الوتير ، ماء لهم ، فأصابوا منهم رجلا وتحاوزوا واقتتلوا ورفدت بني بكر قريش بالسلاح وقاتل معهم قريش من قاتل بالليل مستخفيا حتّى حازوا خزاعة إلى الحرم.
فلمّا تظاهرت بنو بكر وقريش على خزاعة وأصابوا منهم ما أصابوا ونقضوا ما كان بينهم وبين رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من العهد والميثاق بما استحلّوا من خزاعة وكان في عقده وعهده وعرف النبيّ بذلك اعتبره نقضاً للعهد وإلغاء للمعاهدة ، فخرج صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى فتح مكّة ملغياً ما كان بينه وبين قريش من وثيقة الصلح (٣).
__________________
(١) المقصود هو الموداعة التي تمّت في اللقاء الأول لاحظ سيرة ابن هشام ١ : ٥٩١.
(٢ و ٣) سيرة ابن هشام ٢ : ٢١٠ و ٣٩٠ ـ ٣٩٧.