دون قيام الحكومة الإسلاميّة الواقعيّة ، وكان ذلك من أسباب غياب النمط الواقعيّ لنظام الحكم الإسلاميّ ، وعدم معرفتنا به.
أضف إلى ذلك ، أنّ تأريخ المسلمين في العصور الماضية كان له صبغة الإسلام وصبغة القيادة الإسلاميّة ، لا أنّه كانت تتوفّر فيه جميع عناصر الدولة الإسلاميّة وشرائط المجتمع الإسلاميّ ومواصفاته ، ولأجل ذلك لم تكن تلك الحكومات المنصبغة بصبغة الإسلام ممثّلةً لواقع القيادة الإسلاميّة.
٢. بعدنا الزمني عن العهد النبويّ وتطوّر اللغة ، ممّا جعلنا لا نفهم الكثير من مقاصد المصطلحات القرآنيّة التي تدلّ على ملامح الحكومة الإسلاميّة كما كان يفهم العربي المعاصر لذلك العهد.
وتتعيّن على الكتّاب المعاصرين ، لاستجلاء الملامح الغائبة للحكومة الإسلاميّة ، اُمور :
أوّلاً : العودة إلى المصادر الأساسيّة للإسلام ، ونعني بها الكتاب والسّنّة المطهّرة والسيرة الشريفة التي سار عليها الأئمّة الواقعيّون.
ثانياً : أن لا يخلطوا بين ما وقع وجرى على الساحة الإسلاميّة في مجال الحكم ، وبين ما هو مرسوم لنظام الحكم في أصل الشريعة المقدّسة.
ثالثاً : أن لا يخلطوا بين تأريخ المسلمين ونظام الدين ، لأنّ ذلك التأريخ لا يكون ممثلاً واقعيّاً لكلّ تعاليم الدين ، ولا مبرزاً لجميع حقائقه.
فإذا تجاوزنا جميع هذه الحواجز المانعة عن رؤية الحقيقة ، استطعنا أن نقف على الصورة الحقيقيّة لنظام الحكم الإسلاميّ وأبعاده ، وجميع خصوصياته وامتيازاته.
إنّا مع تقديرنا لكلّ ما قام به علماؤنا الأقدمون من خدمات عظيمة في تدوين الفكر الإسلاميّ وحمايته وصيانته وتعميقه وتوضيحه ، نعذرهم في عدم توضيحهم لصورة الحكومة الإسلاميّة ، نظراً للظروف الصعبة وغير العاديّة التي عاشوها وقاسوا منها الأمرّين كما ستعرف ، ولكنّنا نعتبر القيام بهذا الأمر واجباً حتميّاً بالنسبة إلى كتّابنا