العداوة في الجاهلية. فقال : قد اجتمع ملأُ بني قيلة بهذه البلاد ... لا والله مالنا معهم إذا اجتمع ملأهم بها من قرار ، فأمر فتىً شابّاً من يهود كان معهم ، فقال : اعمد إليهم ، فاجلس معهم ، ثمّ اذكر يوم بعاث وما كان قبله ، وانشدهم بعض ما كانوا ما تقاولوا فيه من الأشعار.
وكان يوم بعاث يوماً اقتتلت فيه الأوس والخزرج ، وكان الظفر فيه يومئذ للأوس على الخزرج ، وكان على الأوس يومئذ حضير بن سماك الأشهليّ ، أبو أسيد بن حضير ، وعلى الخزرج عمرو النعمان البياضيّ ، فقتلا جميعاً ..
قال ابن هشام : قال أبو قيس بن الأسلت :
على أن قد فجعت بذي حفاظ |
|
فعاودني له حزن رصين |
فأما تقتلوه فإنّ عمراً |
|
أعض برأسه عضب سنين |
وهذان البيتان في قصيدة له ، وحديث يوم بعاث أطول ممّا ذكرت.
قال ابن هشام : ففعل [ ذلك الشاب ما أراده شأس ] فتكلّم القوم عند ذلك وتنازعوا وتفاخروا حتّى تواثب رجلان من الحييّن على الركب ، أوس بن قيظي أحد بني حارثة بن الحارث من الأوس ، وجبّار بن صخر أحد بني سلمة من الخزرج ، فتقاولا ثمّ قال أحدهما لصاحبه ، إن شئتم رددناها الآن جذعة [ أي رددنا الآخر إلى أوّله وأعدنا الاقتتال والتنازع ] فغضب الفريقان جميعاً وقالوا : قد فعلنا ، موعدكم الظاهرة [ أي الحرّة ] السلاح السلاح فخرجوا إليها فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فخرج إليهم فيمن معه من أصحابه المهاجرين حتّى جاءهم ، فقال : « يا معشر المسلمين ، الله الله أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن هداكم الله للإسلام ، وأكرمكم به وقطع به عنكم أمر الجاهلية ، واستنقذكم به من الكفر ، وألّف به بين قلوبكم » فعرف القوم أنّها نزعة [ أي إفساد بين الناس ] من الشيطان وكيد من عدوّهم ، فبكوا وعانق الرجال من الأوس والخزرج بعضهم بعضاً ، ثمّ انصرفوا مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سامعين مطيعين ، قد أطفأ الله عنهم كيد عدوّ الله شأس بن قيس ، فأنزل الله تعالى في شأس بن قيس وما صنع : ( قُلْ يَا أَهْلَ