تصانيف من وصفناه ورواياته لمّا كان عاملا بالقياس ، فلو كان العمل بالخبر الواحد جرى بذلك المجرى لوجب فيه أيضا مثل ذلك ، وقد علمنا خلافه.
فإن قيل : كيف تدّعون إجماع الفرقة المحقّة على العمل بخبر الواحد ، والمعلوم من حالها أنّها لا ترى العمل بخبر الواحد ، كما أنّ المعلوم أنّها لا ترى العمل بالقياس ، فإن جاز ادّعاء أحدهما جاز ادّعاء الآخر.
قيل له : المعلوم من حالها الذي لا ينكر ، أنّهم لا يرون العمل بخبر الواحد الذي يرويه مخالفوهم في الاعتقاد ويختصّون بطريقه ، وأمّا (١) ما كان رواته منهم وطريقه أصحابهم ، فقد بيّنّا أنّ المعلوم خلاف ذلك ، وبيّنّا الفرق بين ذلك وبين القياس ، وأنّه لو كان معلوما حظر العمل بخبر الواحد لجرى مجرى العلم بحظر القياس ، وقد علم خلاف ذلك.
فإن قيل : أليس شيوخكم لا يزالون يناظرون خصومهم في أنّ خبر الواحد لا يعمل به ، ويدفعونهم عن صحّة ذلك ، حتّى أنّ منهم من يقول : لا يجوز ذلك عقلا ، ومنهم من يقول : لا يجوز ذلك لأنّ السمع لم يرد به ، وما رأينا أحدا تكلّم في جواز ذلك ، ولا صنّف فيه كتابا ، ولا أملى فيه مسألة ، فكيف أنتم تدّعون خلاف ذلك؟
قيل له : من أشرت إليهم من المنكرين لأخبار الآحاد ، إنّما تكلّموا من خالفهم في الاعتقاد ، ودفعوهم عن وجوب العمل بما يروونه من الأخبار المتضمّنة للأحكام التي يروون خلافها ، وذلك صحيح على
__________________
(١) كذا في (ص) و (م) ، وفي غيرهما والمصدر : «فأمّا».