ثمّ أورد على نفسه : بأنّ العمل بخبر الواحد يوجب كون الحقّ في جهتين عند تعارض خبرين.
ثمّ أجاب ـ أوّلا ـ : بالنقض بلزوم ذلك عند من منع العمل بخبر الواحد إذا كان هناك خبران (١) متعارضان ؛ فإنّه يقول مع عدم الترجيح بالتخيير ، فإذا اختار كلا منهما إنسان لزم كون الحقّ في جهتين ، وأيّد ذلك : بأنّه قد سئل الصادق عليهالسلام عن اختلاف أصحابه في المواقيت وغيرها ، فقال عليهالسلام : «أنا خالفت بينهم» (٢). ثمّ قال بعد ذلك :
فإن قيل : كيف تعملون بهذه الأخبار ، ونحن نعلم أنّ رواتها كما رووها رووا أيضا أخبار الجبر والتفويض وغير ذلك من الغلوّ والتناسخ وغير ذلك من المناكير ، فكيف يجوز الاعتماد على ما يرويه أمثال هؤلاء؟
قلنا لهم : ليس كلّ الثقات نقل حديث الجبر والتشبيه ، ولو صحّ أنّه نقل لم يدلّ على أنّه كان معتقدا لما تضمّنه الخبر ؛ ولا يمتنع أن يكون إنّما رواه ليعلم أنّه لم يشذّ عنه شيء من الروايات ، لا لأنّه معتقد ذلك ، ونحن لم نعتمد على مجرّد نقلهم ، بل اعتمدنا على العمل الصادر من جهتهم وارتفاع النزاع فيما بينهم ، وأمّا مجرّد الرواية فلا حجّيّة (٣) فيه على حال.
__________________
(١) في (ه) زيادة : «متوازيان».
(٢) انظر الوسائل ٣ : ١٠١ ، الباب ٧ من أبواب المواقيت ، الحديث ٣ ، والكافي ١ : ٦٥ ، باب اختلاف الحديث ، الحديث ٥ ، والبحار ٢ : ٢٣٦ و ٢٥٢ ، الأحاديث ٢٢ ، ٢٣ ، ٢٤ و ٦٩.
(٣) في (ظ) ، (ل) و (م) والمصدر : «حجّة».