طاعة في العرف وترك ما يعدّ معصية كذلك.
فإن قلت : يكفي في ردعهم الآيات المتكاثرة (١) والأخبار المتظافرة بل المتواترة (٢) على حرمة العمل بما عدا العلم.
قلت : قد عرفت انحصار دليل حرمة العمل بما عدا العلم في أمرين ، وأنّ الآيات والأخبار راجعة إلى أحدهما :
الأوّل : أنّ العمل بالظنّ والتعبّد به من دون توقيف من الشارع تشريع محرّم بالأدلّة الأربعة.
والثاني : أنّ فيه طرحا لأدلّة الاصول العمليّة واللفظيّة التي اعتبرها الشارع عند عدم العلم بخلافها.
وشيء من هذين الوجهين لا يوجب ردعهم عن العمل ؛ لكون حرمة العمل بالظنّ من أجلهما مركوزا في ذهن العقلاء ؛ لأنّ حرمة التشريع ثابت عندهم ، والاصول العمليّة واللفظيّة معتبرة عندهم مع عدم الدليل على الخلاف ، ومع ذلك نجد (٣) بناءهم على العمل بالخبر الموجب للاطمئنان.
والسرّ في ذلك : عدم جريان الوجهين المذكورين بعد استقرار سيرة العقلاء على العمل بالخبر ؛ لانتفاء تحقّق التشريع مع بنائهم على سلوكه في مقام الإطاعة والمعصية ؛ فإنّ الملتزم بفعل ما أخبر الثقة بوجوبه وترك ما أخبر بحرمته لا يعدّ مشرّعا ، بل لا يشكّون في كونه
__________________
(١) الأنعام : ١١٦ ، الإسراء : ٣٦ ، يونس : ٣٦.
(٢) راجع الصفحة ٢٤٢ ـ ٢٤٤.
(٣) لم ترد «نجد» في (ظ) و (م).