للرجوع فيها إلى نفي الحكم وعدم الالتزام في معظم الفقه بحكم تكليفيّ ، كأنّه أمر مفروغ البطلان.
والغرض من جميع ذلك : الردّ على بعض من تصدّى لردّ هذه المقدّمة (١) ، ولم يأت بشيء عدا ما قرع سمع كلّ أحد ، من أدلّة البراءة وعدم ثبوت التكليف إلاّ بعد البيان ، ولم يتفطّن لأنّ مجراها في غير ما نحن فيه ؛ فهل يرى من نفسه إجراءها لو فرضنا ـ والعياذ بالله ـ ارتفاع العلم بجميع الأحكام.
بل نقول : لو فرضنا أنّ مقلّدا دخل عليه وقت الصلاة ولم يعلم من الصلاة عدا ما تعلّم من أبويه بظنّ الصحّة ـ مع احتمال الفساد عنده احتمالا ضعيفا ـ ولم يتمكّن من أزيد من ذلك ، فهل يلتزم بسقوط التكليف عنه بالصلاة في هذه الحالة ، أو أنّه يأتي بها على حسب ظنّه الحاصل من قول أبويه ، والمفروض أنّ قول أبويه ممّا لم يدلّ عليه دليل شرعيّ؟ فإذا لم تجد من نفسك الرخصة في تجويز ترك الصلاة لهذا الشخص ، فكيف ترخّص الجاهل بمعظم الأحكام في نفي الالتزام بشيء منها عدا القليل المعلوم أو المظنون بالظنّ الخاصّ ، وترك ما عداه ولو كان مظنونا بظنّ لم يقم على اعتباره دليل خاصّ؟
بل الإنصاف : أنّه لو فرض ـ والعياذ بالله ـ فقد الظنّ المطلق في معظم الأحكام ، كان الواجب الرجوع إلى الامتثال الاحتماليّ بالتزام ما لا يقطع معه بطرح الأحكام الواقعيّة.
__________________
(١) هو الفاضل النراقي في عوائد الأيّام : ٣٥٩ ـ ٣٧٦ ، ومناهج الأحكام : ٢٥٦ ـ ٢٥٧.