المعالم (١) وشيخنا البهائيّ في الزبدة (٢) ـ : بأنّ اعتبارها من باب الظنّ ، والظنّ منتف في مقابل الخبر ونحوه من أمارات الظنّ.
وفيه : منع كون البراءة من باب الظنّ. كيف؟ ولو كانت كذلك لم يكن دليل على اعتبارها ، بل هو من باب حكم العقل القطعيّ بقبح التكليف (٣) من دون بيان.
كلام المحقّق القمّي قدسسره |
وذكر المحقّق القمّي رحمهالله في منع حكم العقل المذكور : أنّ حكم العقل إمّا أن يريد به الحكم القطعيّ أو الظنّيّ.
فإن كان الأوّل ، فدعوى كون مقتضى أصل البراءة قطعيّا أوّل الكلام ، كما لا يخفى على من لاحظ أدلّة المثبتين والنافين من العقل والنقل.
سلّمنا كونه قطعيّا في الجملة ، لكنّ المسلّم إنّما هو قبل ورود الشرع ، وأمّا بعد ورود الشرع فالعلم بأنّ فيه أحكاما إجماليّة على سبيل اليقين يثبّطنا عن الحكم بالعدم قطعا ، كما لا يخفى.
سلّمنا ذلك ، ولكن لا نسلّم حصول القطع بعد ورود مثل الخبر الواحد الصحيح على خلافه.
وإن أراد الحكم الظنّيّ ـ سواء كان بسبب كونه بذاته مفيدا للظنّ أو من جهة استصحاب الحالة السابقة ـ فهو أيضا ظنّ مستفاد من ظاهر الكتاب والأخبار التي لم يثبت حجّيّتها (٤) بالخصوص. مع أنّه ممنوع بعد
__________________
(١) انظر المعالم : ١٩٢ ـ ١٩٣.
(٢) الزبدة : ٥٨.
(٣) في (ل) : «بعدم التكليف».
(٤) في (ت) ، (ر) و (ه) : «حجّيّتهما».