نمنع وقوع ذلك ؛ لأنّ الظنون الحاصلة للمجتهد ـ بناء على مذهب الإماميّة من عدم اعتبار الظنّ القياسيّ وأشباهه ـ ظنون حاصلة من أمارات مضبوطة محصورة ، كأقسام الخبر والشهرة والاستقراء والإجماع المنقول والأولويّة الاعتباريّة ونظائرها ، ومن المعلوم للمتتبّع فيها أنّ مؤدّياتها لا تفضي إلى الحرج ؛ لكثرة ما يخالف الاحتياط فيها ، كما لا يخفى على من لاحظها وسبرها سبرا إجماليّا.
وثالثا : سلّمنا إمكانه ووقوعه ، لكنّ العمل بتلك الظنون لا يؤدّي إلى اختلال النظام حتّى لا يمكن إخراجها عن عمومات نفي العسر ، فنعمل (١) بها في مقابلة عمومات نفي العسر ونخصّصها (٢) بها ؛ لما عرفت (٣) من قبولها التخصيص في غير مورد الاختلال.
وليس في هذا كرّ على ما فرّ منه ؛ حيث إنّا عملنا بالظنّ فرارا عن لزوم العسر ، فإذا أدّى إليه فلا وجه للعمل به ؛ لأنّ العسر اللازم على تقدير طرح العمل بالظنّ كان بالغا حدّ اختلال النظام من جهة لزوم مراعاة الاحتمالات الموهومة والمشكوكة ، وأمّا الظنون المطابقة لمقتضى الاحتياط فلا بدّ من العمل عليها ، سواء عملنا بالظنّ أو عملنا بالاحتياط ، وحينئذ : فليس العسر اللازم من العمل بالظنون الاجتهاديّة في فرض المعترض من جهة العمل بالظنّ ، بل من جهة مطابقته (٤)
__________________
(١) في (ظ) ، (ل) و (م) : «فتعمل».
(٢) في (ت) : «وتخصّصها».
(٣) راجع الصفحة ٤٠٧.
(٤) في (ت) و (ر) : «المطابقة».