إحياء (١) الليالي أو المشي إلى الحجّ والزيارات (٢) ـ لم يمنع تعسّرها عن انعقاد نذرها ؛ لأنّ الالتزام بها إنّما جاء من قبل المكلّف. وكذا لو آجر نفسه لعمل شاقّ لم يمنع مشقّته من صحّة الإجارة ووجوب الوفاء بها.
وحينئذ ، فنقول : لا ريب أنّ وجوب الاحتياط ـ بإتيان كلّ ما يحتمل الوجوب وترك كلّ ما يحتمل الحرمة ـ إنّما هو من جهة اختفاء الأحكام الشرعيّة المسبّب عن المكلّفين المقصّرين في محافظة الآثار الصادرة عن الشارع المبيّنة للأحكام والمميّزة للحلال عن الحرام ، وهذا السبب وإن لم يكن عن (٣) فعل كلّ مكلّف ـ لعدم مدخليّة أكثر المكلّفين في ذلك ـ إلاّ أنّ التكليف بالعسر ليس قبيحا عقليّا حتّى يقبح أن يكلّف به من لم يكن سببا له ويختصّ عدم قبحه بمن صار التعسّر من سوء اختياره ، بل هو أمر منفيّ بالأدلّة السمعيّة ، وظاهرها أنّ المنفيّ هو جعل الأحكام الشرعيّة أوّلا وبالذات على وجه يوجب العسر على المكلّف ، فلا ينافي عروض التعسّر لامتثالها من جهة تقصير المقصّرين في ضبطها وحفظها عن الاختفاء مع كون ثواب الامتثال حينئذ أكثر بمراتب.
ألا ترى : أنّ الاجتهاد الواجب على المكلّفين ـ ولو كفاية ـ من
__________________
(١) في (ت) ، (ظ) و (م) : «وإحياء» ، وفي غير (ه) و (ت) : «إحياء بعض الليالي».
(٢) في (ر) و (ص) : «أو الزيارات».
(٣) في (ت) ، (ظ) ، (م) و (ه) : «من».