القاعدة في نفس المسألة ، كما لو كان الشكّ فيه في المكلّف به ـ وهذا إجماع من العلماء ؛ حيث لم يحتط أحد منهم في مورد الشكّ من جهة احتمال كونه من الواجبات والمحرّمات الواقعيّة ، وإن احتاط الأخباريّون في الشبهة التحريميّة من جهة مجرّد احتمال التحريم ، فإذا كان عدم وجوب الاحتياط إجماعيّا مع عدم قيام ما يظنّ طريقيّته على عدم الوجوب ، فمع قيامه لا يجب الاحتياط بالأولويّة القطعيّة.
قلت : العلماء إنّما لم يذهبوا إلى الاحتياط في موارد الشكّ ؛ لعدم العلم الإجماليّ لهم بالتكاليف ، بل الوقائع لهم بين معلوم التكليف تفصيلا أو مظنون لهم بالظنّ الخاصّ ، وبين مشكوك التكليف رأسا ، ولا يجب الاحتياط في ذلك عند المجتهدين ، بل عند غيرهم في الشبهة الوجوبيّة.
والحاصل : أنّ موضوع عمل العلماء القائلين بانفتاح باب العلم أو الظنّ الخاصّ مغاير لموضوع عمل القائلين بالانسداد ، وقد نبّهنا على ذلك غير مرّة في بطلان التمسّك على بطلان البراءة والاحتياط بمخالفتهما لعمل العلماء ، فراجع.
والحاصل : أنّ اعتبار الظنّ بالطريق وكونه كالظنّ بالواقع (١) مبنيّ على القطع ببطلان الاحتياط رأسا ، بمعنى أنّ الشارع لم يرد منّا في مقام امتثال الأحكام المشتبهة الامتثال العلميّ الإجماليّ ، حتّى يستنتج من ذلك حكم العقل بكفاية الامتثال الظنّي ؛ لأنّه المتعيّن بعد الامتثال العلميّ بقسميه من التفصيليّ والإجماليّ ، فيلزم من ذلك ما سنختاره : من عدم
__________________
(١) كذا في (ظ) ، وفي (ل) و (م) : «في الواقع».