الأمر بينه وبين غيره يكون أولى من غيره :
إمّا لكونه أقرب إلى الحجّية من غيره ، ومعلوم أنّ القضيّة المهملة المجملة تحمل ـ بعد صرفها إلى البعض بحكم العقل ـ على ما هو أقرب محتملاتها إلى الواقع.
وإمّا لأنّه أقرب إلى إحراز مصلحة الواقع ؛ لأنّ المفروض رجحان مطابقته للواقع ؛ لأن المفروض كونه من الامارات المفيدة للظنّ بالواقع ، ورجحان كونه بدلا عن الواقع ؛ لأنّ المفروض الظنّ بكونه طريقا قائما مقام الواقع بحيث يتدارك مصلحة الواقع على تقدير مخالفته له.
فاحتمال مخالفة هذه الأمارة للواقع ولبدله موهوم في موهوم ، بخلاف احتمال مخالفة سائر الأمارات للواقع ؛ لأنّها على تقدير مخالفتها للواقع لا يظنّ كونها بدلا عن الواقع.
ونظير ذلك : ما لو تعلّق غرض المريض بدواء تعذّر الاطلاع العلميّ عليه ، فدار الأمر بين دواءين : أحدهما يظنّ أنّه ذلك الدواء ، وعلى تقدير كونه غيره يظنّ كونه بدلا عنه في جميع الخواصّ ، والآخر يظنّ أنّه ذلك الدواء ، لكن لا يظنّ أنّه على تقدير المخالفة بدل عنه ، ومعلوم بالضرورة أنّ العمل بالأوّل أولى.
ثمّ إنّ البعض المظنون الحجّيّة : قد يعلم بالتفصيل ، كما إذا ظنّ حجّيّة الخبر المزكّى رواته بعدل واحد أو حجّيّة الإجماع المنقول.
وقد يعلم إجمالا وجوده بين أمارات ، فالعمل بهذه الأمارات أرجح من غيرها الخارج عن محتملات ذلك المظنون الاعتبار ، وهذا كما لو ظنّ عدم حجّيّة بعض الأمارات ، كالأولويّة والشهرة والاستقراء وفتوى الجماعة الموجبة للظنّ ، فإنّا إذا فرضنا نتيجة دليل الانسداد مجملة