«ليس شيء أبعد عن عقول الرّجال من دين الله» (١) ، وغير ذلك (٢).
وهذا المعنى لمّا (٣) خفي على العقل الحاكم بوجوب سلوك الطرق الظنّية عند فقد العلم ، فهو إنّما يحكم بها لإدراك أكثر الواقعيّات المجهولة بها ، فإذا كشف الشارع عن حال القياس وتبيّن عند العقل حال القياس فيحكم ـ حكما إجماليّا ـ بعدم جواز الركون إليه.
نعم ، إذا حصل الظنّ منه في خصوص مورد ، لا يحكم بترجيح غيره عليه في مقام البراءة عن الواقع ، لكن يصحّ للشارع المنع عنه تعبّدا بحيث يظهر (٤) : أنّي ما اريد الواقعيّات التي تضمّنها (٥) ؛ فإنّ الظنّ ليس كالعلم في عدم جواز تكليف الشخص بتركه والأخذ بغيره.
وحينئذ : فالمحسّن لنهي الشارع عن سلوكه على وجه الطريقيّة كونه في علم الشارع مؤدّيا في الغالب إلى مخالفة الواقع.
والحاصل : أنّ قبح النهي عن العمل بالقياس على وجه الطريقيّة ؛ إمّا أن يكون لغلبة الوقوع في خلاف الواقع مع طرحه فينافي الغرض ، وإمّا أن يكون لأجل قبح ذلك في نظر الظانّ ؛ حيث إنّ مقتضى القياس أقرب في نظره إلى الواقع ، فالنهي عنه نقض لغرضه في نظر الظانّ.
__________________
(١) لم نعثر عليه ، نعم ورد ما يقرب منه ، في الوسائل ١٨ : ١٤٩ ـ ١٥٠ ، الباب ١٣ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٦٩ و ٧٣.
(٢) تقدّم بعضها في الصفحة ٦٢ ـ ٦٣.
(٣) لم ترد «لمّا» في (ظ) ، (ل) و (م).
(٤) في (ر) و (ص) زيادة : «منه» ، وفي (ت) و (ه) زيادة : «له».
(٥) في (ص) زيادة : «القياس».