وبالجملة : فالفرق بين الضعيف المنجبر بالشهرة والمنجبر بغيرها من الأمارات وبين الخبر الموثّق المفيد لمثل الظنّ الحاصل من الضعيف المنجبر ، في غاية الإشكال ، خصوصا مع عدم العلم باستناد المشهور إلى تلك الرواية. وإليه أشار شيخنا في موضع من المسالك بأنّ جبر الضعف بالشهرة ضعيف مجبور بالشهرة (١).
وربما يدّعى كون الخبر الضعيف المنجبر من الظنون الخاصّة ؛ حيث ادّعي الإجماع على حجّيّته (٢) ، ولم يثبت.
وأشكل من ذلك : دعوى دلالة منطوق آية النبأ عليه ؛ بناء على أنّ التبيّن يعمّ الظنّي (٣) الحاصل من ذهاب المشهور إلى مضمون الخبر.
وهو بعيد ؛ إذ لو اريد مطلق الظنّ فلا يخفى بعده ؛ لأنّ المنهيّ عنه ليس إلاّ خبر الفاسق المفيد للظنّ ؛ إذ لا يعمل أحد بالخبر المشكوك صدقه. وإن اريد البالغ حدّ الاطمئنان فله وجه ، غير أنّه يقتضي دخول سائر الظنون الجابرة إذا بلغت ـ ولو بضميمة المجبور ـ حدّ الاطمئنان ولا يختصّ بالشهرة. فالآية تدلّ على حجّيّة الخبر المفيد للوثوق والاطمئنان ، ولا بعد فيه ، وقد مرّ في أدلّة حجّية الأخبار ما يؤيّده أو يدلّ عليه ، من حكايات الإجماع والأخبار.
وأبعد من الكلّ : دعوى استفادة حجّيته ممّا دلّ من الأخبار
__________________
(١) المسالك ٦ : ١٥٦.
(٢) ادّعاه الوحيد البهبهاني في الفوائد الحائريّة : ٤٨٧ ، وكذا كاشف الغطاء في كشف الغطاء : ٣٨.
(٣) في (ت) : «الظنّ».