وعدمه في نظره سيّان ، فلا إشكال في الحكم بكون الخبرين المذكورين عنده على حدّ سواء.
ومن هنا يمكن جريان التفصيل السابق : بأنّه إن كان الدليل المذكور المقيّد اعتباره بالظنّ ممّا دلّ الشرع على اعتباره ، لم يزاحمه القياس الذي دلّ الشرع على كونه كالعدم من جميع الجهات التي لها مدخل في الوصول إلى دين الله ، وإن كان ممّا دلّ على اعتباره العقل الحاكم بتعيين الأخذ بالراجح عند انسداد باب العلم والطرق الشرعيّة ، فلا وجه لاعتباره مع مزاحمة القياس الرافع لما هو مناط حجّيته أعني الظنّ ؛ فانّ غاية الأمر صيرورة مورد اجتماع تلك الأمارة والقياس مشكوكا ، فلا يحكم العقل فيه بشيء.
إلاّ أن يدّعي المدّعي : أنّ العقل بعد تبيّن حال القياس لا يسقط عنده الأمارة المزاحمة به عن القوّة التي تكون لها على تقدير عدم المزاحم ، وإن كان لا يعبّر عن تلك القوّة حينئذ بالظنّ وعن مقابلها بالوهم.
والحاصل : أنّ العقلاء إذا وجدوا في شهرة خاصّة أو إجماع منقول مقدارا من القوّة والقرب إلى الواقع ، والتجئوا إلى العمل على طبقهما مع فقد العلم ، وعلموا من (١) حال القياس ببيان الشارع أنّه (٢) لا عبرة بما يفيده من الظنّ ولا يرضى الشارع بدخله في دين الله ، لم يفرّقوا بين كون الشهرة والإجماع المذكورين مزاحمين بالقياس أم لا ، لأنّه
__________________
(١) لم ترد «من» في (ه).
(٢) في (ظ) و (م) : «أنّ القياس» ، وفي (ص) و (ه) : «وأنّه».