ذلك عن معقد تلك الإجماعات وإن كان بعض أدلّتهم الآخر قد يفيد العموم لما نحن فيه كقبح ترجيح المرجوح ، إلاّ أنّه لا يبعد أن يكون المراد المرجوح في نفسه من المتعارضين لا مجرّد المرجوح بحسب الواقع ؛ وإلاّ اقتضى ذلك حجّية نفس المرجّح مستقلا.
نعم ، الإنصاف : أنّ بعض كلماتهم يستفاد منه ، أنّ العبرة في الترجيح بصيرورة مضمون أحد الخبرين بواسطة المرجّح أقرب إلى الواقع من مضمون الآخر.
وقد استظهر بعض مشايخنا (١) الاتّفاق على الترجيح بكلّ ظنّ ما عدا القياس.
فمنها : ما تقدّم عن المعارج (٢) ، من الاستدلال للترجيح بالقياس بكون مضمون الخبر الموافق له أقرب إلى الواقع من مضمون الآخر.
ومنها : ما ذكروه في مسائل تعارض الناقل مع المقرّر ، فإنّ مرجع ما ذكروا فيها لتقديم أحدهما على الآخر إلى الظنّ بموافقة أحدهما لحكم الله الواقعيّ.
إلاّ أن يقال : إنّ هذا حاصل من نفس الخبر المتّصف بكونه مقرّرا أو ناقلا.
ومنها : ما ذكروه في ترجيح أحد الخبرين بعمل أكثر السلف معلّلين : بأنّ الأكثر يوفّق للصواب بما لا يوفّق له الأقلّ ، وفي ترجيحه
__________________
(١) هو السيّد المجاهد في مفاتيح الاصول : ٧١٧.
(٢) راجع الصفحة ٥٩٧.