ولا بدّ من العمل به ؛ لأنّ التكليف بالترجيح بين المتعارضين ثابت ؛ لأنّ التخيير في جميع الموارد وعدم ملاحظة المرجّحات يوجب مخالفة الواقع في كثير من الموارد ؛ لأنّا نعلم بوجوب الأخذ ببعض الأخبار المتعارضة وطرح بعضها معيّنا ، والمرجّحات المنصوصة في الأخبار غير وافية ، مع أنّ تلك الأخبار معارض بعضها بعضا ، بل بعضها غير معمول به بظاهره ، كمقبولة ابن حنظلة المتضمّنة لتقديم الأعدليّة على الشهرة ومخالفة العامّة وموافقة الكتاب.
وحاصل هذه المقدّمات : ثبوت التكليف بالترجيح ، وانتفاء المرجّح اليقينيّ ، وانتفاء ما دلّ الشرع على كونه مرجّحا ، فينحصر العمل في الظنّ بالمرجّح (١) ؛ فكلّ ما ظنّ أنّه مرجّح في نظر الشارع وجب الترجيح به ؛ وإلاّ لوجب ترك الترجيح أو العمل بما ظنّ من المتعارضين أنّ الشارع رجّح (٢) غيره عليه ، والأوّل مستلزم للعمل بالتخيير في موارد كثيرة نعلم (٣) بوجوب الترجيح ، والثاني ترجيح للمرجوح على الراجح في مقام وجوب البناء ـ لأجل تعذّر العلم ـ على أحدهما ، وقبحه بديهيّ ؛ وحينئذ : فإذا ظنّنا من الأمارات السابقة أنّ مجرّد أقربيّة مضمون أحد الخبرين إلى الواقع مرجّح في نظر الشارع تعيّن الأخذ به.
__________________
(١) العبارة في (ت) و (ه) هكذا : «فينحصر الأمر في العمل بالظنّ بالترجيح».
(٢) كذا في (ه) ، وفي (ر) ، (ظ) و (م) : «مرجّح» ، وفي (ص) و (ل) وظاهر (ت) : «لم يرجّح».
(٣) في غير (ظ) زيادة : «التكليف».