فقال عروة : وأنت بذلك يا غدر ، والله ما غسلت عنك غدرتك بعكاظ إلا أمس ، لقد أورثتنا العداوة من ثقيف إلى آخر الدهر.
وجعل عروة يرمق أصحاب النبي «صلىاللهعليهوآله» بعينه ، فو الله ما يتنخم رسول الله «صلىاللهعليهوآله» نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم ، فدلك بها وجهه وجلده ، وإذا أمرهم بأمر ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلوا على وضوئه ، ولا يسقط شيء من شعره إلا أخذوه ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ، وما يحدّون النظر إليه ، تعظيما له.
فلما فرغ عروة من كلام رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، ورد عليه الرسول «صلىاللهعليهوآله» مثل ما قال لبديل بن ورقاء ، وكما عرض عليهم من المدة. فأتى عروة قريشا ، فقال :
يا قوم ، إني وفدت إلى الملوك : كسرى ، وقيصر ، والنجاشي ، وإني والله ما رأيت ملكا قط أطوع فيما بين ظهرانيه من محمد في أصحابه ، والله إن رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدا ، وليس بملك.
والله ما تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم ، فدلك بها وجهه وجلده ، وإذا أمرهم بأمر ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه أيهم يظفر منه بشيء ، ولا يسقط شيء من شعره إلا أخذوه ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ، وما يحدون النظر إليه تعظيما له ، ولا يتكلم رجل منهم حتى يستأذن ، فإن هو أذن له تكلم ، وإن لم يأذن له سكت.
وقد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها ، قد حرزت القوم.
واعلموا أنكم إن أردتم منهم السيف بذلوه لكم.