وقد رأيت قوما لا يبالون ما يصنع بهم إذا منعتم صاحبهم ، والله لقد رأيت معه نساء ما كن ليسلمنه أبدا على حال ، فروا رأيكم ، فأتوه يا قوم ، واقبلوا ما عرض عليكم ، فإني لكم ناصح ، مع أني أخاف أن لا تنصروا على رجل أتى زائرا لهذا البيت ، معظما له ، معه الهدي ينحره وينصرف.
فقالت قريش : لا تتكلم بهذا يا أبا يعفور ، أو غيرك تكلم بهذا؟ ولكن نرده عامنا هذا ، ويرجع إلى قابل.
فقال : ما أراكم إلا تصيبكم قارعة.
فانصرف هو ومن تبعه إلى الطائف.
فقام الحليس ـ وهو بمهملتين ، مصغّر ـ بن علقمة الكناني وكان من رؤوس الأحابيش ، وفي نص آخر : كان يومئذ سيد الأحابيش (١) فقال : دعوني آتيه.
فقالوا : ائته.
فلما أشرف على رسول الله «صلىاللهعليهوآله» قال «صلىاللهعليهوآله» : «هذا فلان من قوم يعظمون البدن ، وفي لفظ : الهدي ، ويتألهون ، فابعثوها له».
فبعثت له.
فلما رأى الهدي يسيل عليه من عرض الوادي عليها قلائدها ، قد أكلت أوبارها من طول الحبس ، ترجّع الحنين ، واستقبله الناس يلبون قد أقاموا
__________________
(١) الأحابيش هم : بنو الهون بن خزيمة ، وبنو الحرث بن عبد مناف ، وبنو المصطلق.
سموا بذلك لأنهم تحالفوا تحت جبل بمكة اسمه حبشي.