فلما رجع عثمان إلى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» قال المسلمون له : اشتفيت من البيت يا أبا عبد الله؟!
فقال عثمان : بئس ما ظننتم بي! فو الذي نفسي بيده لو مكثت مقيما بها سنة ورسول الله «صلىاللهعليهوآله» مقيم بالحديبية ما طفت حتى يطوف رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ولقد دعتني قريش إلى أن أطوف بالبيت فأبيت.
فقالوا : كان رسول الله «صلىاللهعليهوآله» أعلمنا ، وأحسننا ظنا (١).
وكان رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يأمر أصحابه بالحراسة بالليل ، فكانوا ثلاثة يتناوبون الحراسة : أوس بن خولي ـ بفتح الخاء المعجمة والواو ـ وعباد بن بشر ، ومحمد بن مسلمة.
وكان محمد بن مسلمة على حرس رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ليلة من الليالي ، وعثمان بن عفان بمكة. وقد كانت قريش بعثت ليلا خمسين رجلا ، وقيل : أربعين ، عليهم مكرز بن حفص ، وأمروهم أن يطوفوا بالنبي «صلىاللهعليهوآله» رجاء أن يصيبوا منهم أحدا ، أو يصيبوا منهم غرة.
فأخذهم محمد بن مسلمة ، فجاء بهم رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وأفلت مكرز ، فخبّر أصحابه ، وظهر قول النبي «صلىاللهعليهوآله» كما تقدم : أنه رجل غادر (٢).
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٤٧ والسيرة الحلبية ج ٣ ص ١٦ و ١٧ و ١٨ وكنز العمال ج ١٠ ص ٤٨٣ وتاريخ مدينة دمشق ج ٣٩ ص ٧٨ و ٨٠.
(٢) راجع : سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٤٨ ومسند أحمد ج ٤ ص ٣٢٤ وموسوعة التاريخ الإسلامي ج ٢ ص ٦٢٠ وفتح الباري ج ٥ ص ٢٥١.