بين يديه ركوة يتوضأ منها ، فقال : ما لكم؟!
قالوا : يا رسول الله ، ليس عندنا ماء نشربه ، ولا ماء نتوضأ منه إلا ما في ركوتك.
فوضع رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يده في الركوة. فجعل الماء يفور من بين أصابعه الشريفة أمثال العيون (١).
قال جابر : فشربنا ، وتوضأنا ، ولو كنا مائة ألف لكفانا ، كنا خمس عشرة مائة (٢).
وقالوا : «وإنما لم يخرجه «صلىاللهعليهوآله» بغير ملابسة ماء في إناء ، تأدبا مع الله تعالى ؛ لأنه المنفرد بابتداع المعدومات من غير أصل» (٣).
ونقول :
إن إظهار الكرامة الإلهية لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، ليس أمرا عشوائيا ، بحيث يكون بمناسبة وبلا مناسبة .. بل هو أمر هادف ، يراد منه أيضا الربط على القلوب ، وصيانة الإيمان من التعرض للاهتزاز في مواجهة التحديات الكبرى ، والكوارث والأزمات الحادة ، التي تتمخض عن نكبات تزعزع وتزلزل ، وتبعث اليأس والهزيمة في النفوس.
ثم يراد منه أيضا : إزالة الشبهة ، في حين تحجز المحاذير المختلفة عن التصريح ببعض الحيثيات والغايات لبعض المواقف ، بسبب حساسية
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٩ وعيون الأثر (ط سنة ١٤٠٦ ه) ج ٢ ص ١١٤.
(٢) السيرة الحلبية ج ٣ ص ١٠ وعيون الأثر ج ٢ ص ١١٤.
(٣) السيرة الحلبية ج ٣ ص ١٠.