يقينهم ، وقد بدأت بإخبار الناس بأمر الرؤيا التي رآها رسول الله «صلىاللهعليهوآله» فيما يرتبط بدخوله مع أصحابه مكة على النحو الذي وصفه لهم.
ولكن كانت هناك أمور أيضا لابد من إبقائها على حالة من الغموض ، ليمكن الوصول إلى أفضل النتائج ، وحفظ مستوى الاندفاع لدى أصحابه «صلىاللهعليهوآله» ومن جاء معه ، وإثارة أجواء تتسم بالقوة والتفاؤل فيما بينهم ، وكذلك إثارة أجواء صعبة ، وحساسة لدى مشركي قريش ، تختلط فيها الحيرة بالدهشة ، مع إثارة جو من الإبهام والغموض ، الذي لا يسمح لقريش بالكثير من المناورة والحركة ..
ومن هذه الأمور : أن لا يخبرهم في بداية الأمر بأن الذي رآه سوف لا يتحقق في مسيره ذاك ، بل هو سيتحقق في وقت لا حق ..
وطبيعي أن يكون لظهور هذا التأجيل في تحقق الرؤيا لأصحابه وقعا غير عادي ، قد لا يمكنهم معه حفظ ذلك المستوى من الصفاء والاندفاع ، والحيوية ، والسكينة والطمأنينة .. التي تمكنهم من متابعة الموقف بقوة وفاعلية. مع ملاحظة : أنه لا توجد أية مصلحة في كشف كل الحقيقة لهم ، بل قد يكون ضرر ذلك عظيما وجسيما.
فكان لا بد من تدخل الغيب الإلهي ، والسعي إلى تجسيده لهم ، لكي يتلمسوه ويحسوا به بوجدانهم ، ومشاعرهم ، وبكل كيانهم ووجودهم ، ليكون هو الحافظ والحامي لهم ، من تسويلات نفوسهم ، ومن وسوسات الشياطين ، ومن كيد المنافقين.
فكان نبع الماء من بين أصابعه الشريفة هو أحد مفردات ربطهم بذلك الغيب كما هو ظاهر.