يقول : سمعت أبا عبد الله الحصري يقول : مكث أبو جعفر الحدّاد عشرين سنة يعمل كل يوم بدينار وينفقه على الفقراء ، ويصوم ، ويخرج بين العشاءين فيتصدّق من الأبواب.
أنا الحسين بن يحيى بن إبراهيم ، أنا الحسين (١) بن علي بن محمّد الشيرازي.
وكتب إليّ أبو سعد بن الطّيّوري يخبرني عن عبد العزيز الأزجي.
وأنبأنا أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين ، عن عبد العزيز بن بندار ، قالا : أنا أبو الحسن بن جهضم ، حدّثني أبو العبّاس أحمد بن هارون ، حدّثني أبو الحسن العلوي ، وكان جارا لأبي جعفر الحدّاد ، قال :
مكث أبو جعفر عشرين سنة يعمل كل يوم بدينار أو عشرة دراهم ، وأقل وأكثر ، ينفقه على الفقراء ولا يسألهم عن مسألة ـ وفي حديث الشيرازي : ولا يسألهم عن علم ، ولا عن مسألة ـ ويصوم النهار ، ثم يخرج بين العشاءين ، فيتصدّق من الأبواب ما قسم الله له ، ولا يرتفق من كسبه بشيء.
قالا : وأنا ابن جهضم.
أخبرنا أبو منصور بن زريق ، أنا ـ وأبو الحسن بن سعيد ، نا ـ أبو بكر الخطيب (٢) ، نا عبد العزيز الأزجي ، ثنا علي بن عبد الله الهمداني ، حدّثني علي بن إسماعيل الطلاء ، حدّثني أستاذي محمّد بن الهيثم قال : قال لي أبو جعفر الحدّاد :
كنت أحب أن أدري كيف تجري أسباب الرزق على الخلق؟ فدخلت البادية بعض السنين على التوكّل ، فبقيت سبعة عشر يوما لم آكل فيها شيئا ، فضعفت عن المشي ، فبقيت أياما أخر لم أذق فيها شيئا حتى سقطت على وجهي ، وغشي عليّ ، وغلب عليّ القمل ، شيء (٣) ما رأيت مثله ، ولا سمعت به ، فبينا أنا كذلك إذ مرّ بي ركب ، فرأوني على تلك الحال ، فنزل أحدهم على راحلته فحلق رأسي ولحيتي وشقّ عليّ ثوبي وتركني في الرمضاء وساروا ، فمرّ بي ركب آخر ، فحملوني إلى حيّهم وأنا مغلوب ، وطرحوني ناحية ، فجاءتني امرأة وحلبت على رأسي وصبّت اللبن في حلقي ، ففتحت عيني قليلا ، وقلت لهم : أقرب
__________________
(١) تقرأ بالأصل : الخشني.
(٢) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ٤١٢ ـ ٤١٣.
(٣) في تاريخ بغداد : شيئا.