صحب مشايخ بغداد ، وسافر مع أبي تراب النّخشبي ، وأبي سعيد الخرّاز. وهو من أفتى المشايخ وأورعهم.
قال أبو حمزة : من استشعر ذكر الموت حبّب إليه كلّ باق ، وبغّض إليه كلّ فان (١).
وقال : العارف يدافع عيشه يوما بيوم ، ويأخذ عيشه يوما ليوم (٢).
وقال له رجل : أوصني ، فقال : هيئ زادك للسفر [الذي](٣) بين يديك (٤) ، فكأني بك وأنت في جملة الراحلين ، وهيئ لنفسك منزلا تنزل فيه إذا نزل أهل الصّفوة منازلهم ، لئلا تبقى متحسّرا.
وقال : انظر رسل البلايا ، وسهام المنايا.
وسئل عن الإخلاص ، فقال : الخالص من الأعمال ما لا يحب أن يحمد عليه إلّا الله ـ عزوجل ـ.
وقال (٥) : كنت قد بقيت محرما في عباء (٦) أسافر كل سنة ألف فرسخ ، تطلع علي الشمس وتغرب ، كلما أحللت (٧) أحرمت (٨).
وقال (٩) : حججت سنة من السنين ، فبينا أنا أمشي في الطريق وقعت في بئر ، فنازعتني نفسي أن أستغيث ، فقلت : لا والله لا أستغيث. فما استتممت (١٠) هذا الخاطر حتى مرّ برأس البر رجلان ، فقال أحدهما للآخر : تعال حتى نسدّ رأس هذا البئر في هذا الطريق (١١). فأتوا
__________________
(١) الرسالة القشيرية ص ٤٠٩.
(٢) الرسالة القشيرية ص ٤٠٩.
(٣) زيادة عن الرسالة القشيرية.
(٤) إلى هنا الخبر في الرسالة القشيرية.
(٥) رواه عنه الشعراني في الطبقات الكبرى ١ / ١٠٣.
(٦) في الطبقات للشعراني : «عباءة» والعباء ضرب من الأكسية ، والعباءة لغة فيه.
(٧) في الطبقات للشعراني : تحللت.
(٨) يعني أني كلما ملت إلى شهوة جددت توبة ، قاله الشعراني في الطبقات الكبرى.
(٩) الخبر والأبيات رواه أبو القاسم القشيري في الرسالة القشيرية ص ١٧١ ـ ١٧٢. ورواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١ / ٣٩١ في ترجمة أبي حمزة محمد بن إبراهيم البغدادي.
(١٠) في مختصر أبي شامة : «استممت» والمثبت عن الرسالة القشيرية.
(١١) بدلا من : «في هذا الطريق» في الرسالة القشيرية : «لئلا يقع فيه أحد».