بقصب وبارية ، [وطمّوا رأس البئر](١) فهممت أن أصيح ، فقلت (٢) في نفسي : أصيح على (٣) من هو أقرب إليّ منهما. فسكتّ (٤) حتى طووا رأس البر ، فإذا بشيء قد جاء وكشف رأس البئر وما عليها ، ودلّى رجليه في البئر كأنه يقول في همهمة (٥) له : تعلق بي ، من حيث كنت أفهم همهمته ، فتعلقت به ، فأخرجني من البئر ، فنظرت إليه ، فإذا هو سبع ، وإذا هاتف يهتف بي وهو يقول : يا أبا حمزة ، أليس ذا أحسن ، نجيناك بالتلف من التلف ، فمشيت وأنا أقول :
نهاني (٦) حيائي منك أن أكشف (٧) الهوى |
|
وأغنيتني بالفهم (٨) منك عن الكشف |
تلطفت في أمري فأبديت شاهدي |
|
إلى غائبي ، واللّطف يدرك باللطف |
تراءيت لي بالغيب حتّى كأنّما |
|
تبشّرني بالغيب أنّك في الكفّ |
أراك وبي من هيبة (٩) لك وحشة |
|
فتؤنسني باللطف (١٠) منك وبالعطف |
وتحيي محبّا أنت في الحبّ حتفه |
|
وذا عجب كون الحياة مع الحتف |
وقيل : إن صاحب هذه الحكاية أبو حمزة البغدادي (١١) ، وقيل : الدمشقي. والله أعلم.
قال أبو محمّد الرصافي :
خرج أبو حمزة ، فسمع قائلا يقول :
نقّل فؤادك حيث شئت من الهوى |
|
ما الحبّ إلّا للحبيب الأوّل |
قال : فسقط مغشيا عليه.
قال القشيري :
__________________
(١) زيادة للإيضاح عن الرسالة القشيرية.
(٢) في الرسالة القشيرية : ثم قلت.
(٣) في الرسالة القشيرية : إلى.
(٤) في الرسالة القشيرية : وسكنت.
(٥) في مختصر ابن منظور : «مهمهة».
(٦) قبله في الرسالة القشيرية :
أهابك أن أبدي إليك الذي أخفي |
|
وسري يبدي ما يقول له طرفي |
(٧) في الرسالة القشيرية : أكتم الهوى.
(٨) في تاريخ بغداد ١ / ٣٩٢ بالقرب.
(٩) في تاريخ بغداد والرسالة القشيرية : من هيبتي.
(١٠) تاريخ بغداد : بالعطف.
(١١) وهي رواية أبي بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١ / ٣٩١ ـ ٣٩٢ في أخبار أبي حمزة محمد بن إبراهيم البغدادي.