يا أهلاه ، أو : يا هؤلاء ، يا هؤلاء (١) فثرنا إليه ، فظننا أنّ عارضا عرض له ، فقلنا : ما لك؟ فقال : إنّي كنت أحدّث نفسي ألّا أتزوج حتى أستشهد ، فيزوّجني الله تعالى من الحور العين ، فلمّا طالت عليّ الشهادة قلت في سفري هذا : إن أنا رجعت هذه المرة تزوجت. فأتاني آت قبيل (٢) في المنام ، فقال : أنت القائل : إن رجعت تزوجت؟ فقم ، فقد زوّجك الله العيناء ، فانطلق إلى روضة خضراء معشبة ، فيها عشر جوار ، في يد كل جارية صنعة تصنعها ، لم أر مثلهنّ في الحسن والجمال ، فقلت : فيكنّ العيناء؟ فقلن : نحن من خدمها ، وهي أمامك. فمضيت ، فإذا روضة أعشب من الأولى وأحسن ، فيها عشرون جارية ، في يد كل واحدة صنعة تصنعها ، ليس العشر إليهن بشيء في الحسن والجمال. قلت : فيكن العيناء؟ قلن : نحن من خدمها ، وهي أمامك ، فمضيت ، فإذا بروضة ، وهي أعشب من الأولى والثانية وأحسن ، فيها أربعون جارية ، في يد كلّ واحدة منهن صنعة تصنعها ، ليس العشر والعشرون إليهنّ بشيء في الحسن والجمال. قلت : فيكنّ العيناء؟ قلن : نحن من خدمها ، وهي أمامك. فمضيت ، فإذا أنا بياقوتة مجوّفة ، فيها سرير عليه امرأة قد فضل جنباها السرير. قلت : أنت العيناء؟ قالت : نعم ، مرحبا. فذهبت أضع يدي عليها ، قالت : مه ، إنّ فيك شيئا من الروح بعد ، ولكن تفطر عندنا الليلة. قال : فانتبهت.
قال : فما فرغ الرجل من حديثه حتى نادى المنادي : يا خيل الله اركبي. قال : فركبنا ، فصافنا (٣) العدو ؛ فإني لأنظر إلى الرجل ، وأنظر إلى الشمس ، فأذكر حديثه ، فما أدري أرأسه سقط أولا أم الشمس سقطت.
فقال أنس : رحمهالله ، رحمهالله.
قال أحمد العجلي (٤) : أبو بكر بن أنس بن مالك : بصري ، تابعي ، ثقة.
[وقال أبو عبد الله أحمد بن محمد بن أبي بكر المقدمي : لا يعرف له اسم](٥).
__________________
(١) في تهذيب الكمال : «يقول : وا أهلاه وا أهلاه» ولم يزد.
(٢) أي عيانا ومقابلة (القاموس).
(٣) في تهذيب الكمال : فصاففنا العدو.
(٤) كتاب تاريخ الثقات للعجلي ص ٤٩٢ ونقله المزي عن العجلي في تهذيب الكمال ٢١ / ٦٣.
(٥) ما بين معكوفتين استدرك عن تهذيب الكمال.