فنذرن حين رأين غرّته |
|
إن عاش ، أن سيفين بالنّذر |
لله صوما شكر أنعمه |
|
والله أهل الحمد والشكر |
فنشا بحمد الله حين نشا |
|
حسن المروءة نابه الذكر |
حتّى إذا ما طرّ (١) شاربه |
|
خضع الملوك لسيّد فهري (٢) |
فإذا رمي ثغر يقال له : |
|
يا معن أنت سداد ذا الثّغر |
قال : أنا أبو الوليد ؛ أعطه ألف دينار ، فأعطيها. فرجع إلى ابن أبي سبرة. فخرج ابن أبي سبرة إلى مكة وخرج به معه ، فلما قدما مكّة قال ابن أبي سبرة للرابحي : أما الأربعة الآلاف التي أعطاني معن في ديني فقد حبستها حتى أقضي بها ديني ، لا أوثر عليه شيئا ، وأما ألفا الدينار اللذان أعطاني فلي منها ألف دينار ، وخذ أنت ألفا. فقال الرابحي : قد أعطاني ألف دينار! فقال : أقسمت عليك إلّا أخذت. فأخذها ، وقام هو الربحي حتى بلّغه أهله بالمدينة. فانصرف ابن أبي سبرة لقضاء دينه ، وفضل ألف دينار ، وانصرف الرابحي بألفي دينار.
قال : ونمي (٣) الخبر إلى المنصور فكتب إلى معن : ما الذي حملك على أن تعطي ابن أبي سبرة ما أعطيته ، وقد علمت ما فعل؟ فكتب إليه معن : إن جعفر بن سليمان كتب إليّ يوصيني به ، فلم أحسب جعفرا أوصاني به حتى رضي عنه أمير المؤمنين. فكتب المنصور إلى جعفر بن سليمان يبكّته (٤) بذلك ، فكتب إليه جعفر : إنك يا أمير المؤمنين أوصيتني به ، فلم يكن من استيصائي به شيء أيسر من كتاب وصاة إلى معن بن زائدة.
قال يعقوب بن سفيان (٥) : حدّثنا إبراهيم بن المنذر ، حدّثني معن ، عن مالك قال :
لما لقيت أبا جعفر قال لي : يا مالك ، من بقي بالمدينة من المشيخة؟ قلت : [يا أمير المؤمنين :](٦) ابن أبي ذئب ، وابن أبي سلمة ، وابن أبي سبرة.
__________________
(١) طرّ شاربه : أي طلع ، ونبت (تاج العروس).
(٢) في مختصر أبي شامة : فهر.
(٣) في مختصر أبي شامة : «ونما» يقال : نمى إليه الحديث أي ارتفع ونميته ونميّته رفعته وأبلغته (تاج العروس : نمي).
(٤) بكّته بالعصا تبكيتا ، وقيل : بكته تبكيتا : إذا قرعه تقريعا والتبكيت : التقريع والتوبيخ (تاج العروس : بكت).
(٥) رواه يعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة والتاريخ ١ / ٦٨٥ ونقلا عن يعقوب في تاريخ بغداد ١٤ / ٣٦٩ وتهذيب الكمال ٢١ / ٧٧.
(٦) زيادة عن المعرفة والتاريخ.