بالإعجاز والإتيان بمقترحات القوم ، وليس في الآيات أي إشعار بأنّ النبي كان يظهر العجز عن القيام بالإعجاز والإتيان بالآية أو يحيل الأمر إلى الله سبحانه بمعنى أنّه لم يؤت له أيّة معجزة سوى القرآن.
كل ذلك دعايات وسفاسف ألصقها الكتّاب المسيحيون ، ومن يقتفي أثرهم في الأهداف والغايات بمفاد الآيات ومعانيها ، والآيات تنادي خلاف ما ادّعوا.
والعجب أنّ بعض الكتّاب قد استدل على مدّعاه ببعض الآيات التي لا تمس ما نحن فيه أصلاً مثل قوله سبحانه : ( وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ إِنَّمَا العِلْمُ عِندَ اللهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ) (١).
فالآية تهدف إلى أنّ العلم بوقت قيام القيامة يختص به سبحانه ولم يطّلع عليه أحد سواه ، قال سبحانه : ( إِنَّ اللهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ) (٢) ومثل ذلك قوله سبحانه : ( وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ المُبِينِ * وَمَا هُوَ عَلَى الغَيْبِ بِضَنِينٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ ) (٣).
فالآية تهدف إلى أنّ النبي ليس بضنين على الوحي ، بأن يكتم بعضه ويبيّن بعضه ، فالمراد من الغيب هو الوحي ، فلا صلة للآية بالإعجاز ، كل ذلك يعرب عن أنّ الكاتب كان يخبط خبط عشواء فيأتي في مقام الاستدلال بشيء لا مساس له بالموضوع أبداً.
__________________
(١) الملك : ٢٥ ـ ٢٦.
(٢) لقمان : ٣٤.
(٣) التكوير : ٢٣ ـ ٢٥.